أنشأها بجوار إسطبله الذي يعرف اليوم بإسطبل ابن الكويك، وذلك تجاه رحبة داره التي عرفت بدار مازان، ووقف هذه الدّار والإسطبل والحمّام المذكورة في سنة اثنتين وستين وستّ مائة.
فأمّا الدّار فإنّها صارت أخيرا بيد رجل من عامّة النّاس يعرف بعيسى البنّاء، فباعها أنقاضا بعد ما خرّبها في سنة سبع وثمان مائة، لرجل من المباشرين، فهدمها ليعمرها عمارة جليلة، فلم يمهل وعاجله القضاء فمات وصارت خربة، فابتاعها بعض النّاس من ورثة المذكور، وشرع في عمارة شيء منها.
وأمّا الإسطبل والحمّام، فوضع بنو الكويك أيديهم عليهما مدّة أعوام حتى صارا ملكا لهم يورّثان، وهما الآن بيد شرف الدّين محمد بن محمد بن الكويك، وقد جعل ما يخصّه من الحمّام وقفا على نفسه ثم على أناس من بعده.
وفي هذه الحمّام أيضا حصّة وقفها شيخنا برهان الدّين إبراهيم الشّامي الضّرير على أمته وهي بيدها.
سنقر الرّومي الصّالحي النّجمي -
أحد مماليك الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب البحريّة، ترقّى عنده في الخدم حتى صار جامدار، وكان من خوشداشيّة بيبرس البندقداري وأصدقائه. فلمّا قتل الفارس أقطاي في أيّام المعزّ أيبك التّركماني، وخرجت البحرية من القاهرة إلى بلاد الشّام، كان سنقر ممّن خرج ورافق بيبرس، وارتفق بصحبته ونال منه مالا وثيابا وغير ذلك، وتنقّل معه في الكرك، إلى أن كان من أمره في الصّيد مع صاحب الكرك، فطلب سنقر من بيبرس شيئا فلم يجبه، وامتنع من إعطائه، فحنق وفارقه إلى مصر فأقام بها.
ثم إنّ بيبرس قدم إلى مصر بعد ذلك وقد صار أميرا، فلم يعبأ سنقر به، ولا قدّم إليه شيئا كعادة الخوشداشيّة. فلمّا صار الأمر إلى بيبرس، وملك بعد قطز، قدم سنقر وأعطاه/ الإقطاعات الجليلة ونوّه بقدره فلم يرض، فصار إذا ورد عليه الإنعام السّلطاني لا يأخذه بقبول، ويخلو كلّ وقت بجماعة بعد جماعة، ويفرّق فيهم المال، فيبلغ ذلك السّلطان ويغضي عنه، وربّما بعث إليه وحذّره مع الأمير قلاوون وغيره فلم ينته.
ثم إنّه قتل مملوكين من مماليكه بغير ذنب، فعزّ قتلهما على السّلطان، فطلبه في رابع عشرين ذي الحجّة سنة ثلاث وستين وستّ مائة واعتقله. فقال: أريد أعرف ذنبي. فبعث إليه السّلطان يعدّد ذنوبه، فتحسّر وقال: أوّاه لو كنت حاضرا قتل الملك المظفّر قطز حتى أعاند في الذي