عرفت بذلك لأنّه اتّخذ عليها دار للسّباع، وهي موجودة هناك إلى يومنا هذا، وهي من جملة حكر الزّهري وعليها الآن دور (١). ولم تحدث بها العمارة إلاّ بعد سنة سبع مائة، وإنّما كان جميع ذلك الخطّ، وما حوله من منشأة المهراني إلى المقس بساتين، ثم حكرت.
بركة الرّطلي
هذه البركة من جملة أرض الطّبّالة، عرفت ببركة الطّوّابين من أجل أنّه كان يعمل فيها الطّوب. فلمّا حفر الملك النّاصر محمد بن قلاوون الخليج النّاصريّ، التمس الأمير بكتمر الحاجب من المهندسين أن يجعلوا حفر الخليج على الجرف إلى أن يمرّ بجانب بركة الطّوّابين هذه، ويصبّ من بحري أرض الطّبّالة في الخليج الكبير، فوافقوه على ذلك، ومرّ الخليج من ظاهر هذه البركة كما هو اليوم. فلمّا جرى ماء النّيل فيه روى أرض البركة، فعرفت ببركة الحاجب، فإنّها كانت بيد الأمير بكتمر الحاجب المذكور (٢). وكان في شرقي هذه البركة زاوية بها نخل كثير، وفيها شخص يصنع الأرطال الحديد التي تزن بها الباعة، فسمّاها النّاس بركة الرّطّلي نسبة لصانع الأرطال، وبقيت نخيل الزّاوية قائمة بالبركة إلى ما بعد سنة تسعين وسبع مائة.
(١) بركة السّبّاعين. هي نفسها البركة المذكورة على الخريطة التي رسمها علماء الحملة الفرنسية سنة ١٧٩٨ باسم «بركة الدّمالشة» (P-١٢، ٢٢٤)، كانت تقع على يمين المارّ من بوّابة النّاصرية إلى جهة الشيخ ريحان. وحلّ محلّها الآن الجزء الجنوبي من قصر وميدان عابدين شمالا، وتمتدّ جنوبا حتى جامع محمد بك المبدول جنوب متحف فؤاد الصّحي. (٢) بركة الرّطلي (بركة الحاجب، بركة الطّوّابة). كانت تقع ضمن أرض الطّبّالة (فيما تقدم ٤١٧)، وكانت موجودة إلى حوالي سنة ١٨٥٠ م تروى بماء النيل أثناء الفيضان ثم تزرع أصنافا شتوية بعد ذلك. ومن تلك السنة بطلت الزراعة منها وتحوّلت تدريجيّا إلى أراض للبناء. وأقدم خريطة للقاهرة ورد بها رسم تلك البركة (مثل غيرها من برك القاهرة) الخريطة التي رسمها علماء الحملة الفرنسية سنة ١٧٩٨ م B-) (٩، B-١٠، ٤٣٤. وكانت تشغل المنطقة التي تحدّ الآن من الشمال بشارع الظاهر ومن الغرب بشارع يوسف باشا سليمان، ومن الجنوب بشارع يوسف باشا وهبة وما في امتداده إلى الشرق حتى يتلاقى مع شارع البكرية عند مدرسة الفرير دي لاسال. (محمد رمزي: مذكرة في تسمية الشوارع ١٥؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١٧١: ١١ هـ ١؛ ابن إياس: بدائع الزهور ٤٥٦: ١/ ١؛ محمد الششتاوي: متنزهات القاهرة ١٧٠ - ١٧٩).