ذراعا في عرض خمسة أذرع، في مغار بالجبل، لا يعلم من أين يأتي ولا إلى أين يذهب، وهو حلو رائق.
ويذكر أنّه خرج منه سبعون ألف راهب، بيد كلّ واحد عكّاز، فتلقّوا عمرو بن العاص بالطّرانة، مرجعه من الإسكندرية، يطلبون أمانه لهم على أنفسهم وأديارهم. فكتب لهم بذلك أمانا بقي عندهم، وكتب لهم أيضا بجراية الوجه البحري فاستمرّت بأيديهم. وإنّ جرايتهم جاءت في سنة زيادة على خمسة آلاف أردبّ، وهي الآن لا تبلغ مائة أردبّ.
ذكر مدينة مدين (١)
اعلم أنّ مدين - أمّة شعيب - هم بنو مديان بن إبراهيم ﵇ وأمّهم قنطورا ابنة يقطان الكنعانية، ولدت له ثمانية من الولد تناسلت منهم أمم.
ومدين على بحر القلزم، تحاذي تبوك على نحو ستّ مراحل، وهي أكبر من تبوك، وبها البئر التي استقى منها موسى لسائمة شعيب، وعمل عليها بيت.
(a)) قال الفرّاء: مدين اسم بلد وقطر (a)، وقيل اسم قبيلة سمّيت باسم أبيها مدين، ويقال له مديان بن إبراهيم؛ قاله مقاتل وغيره. والجمهور على أنّ مدين أعجمي، وقيل/ عربي، فإن كان عربيّا فإنّه يحتمل أن يكون «فعيلا»، من مدن بالمكان: أقام به، وهو بناء نادر وقيل مهمل، أو «مفعلا»، من دان، فتصحيحه شاذ، وهو ممنوع الصّرف على كلّ حال، سواء كان اسم الأرض أو اسم القبيلة، عجميّا أو عربيّا (٢).
وقال المسعوديّ: قد تنازع أهل الشّرائع في قوم شعيب بن نويل (b) بن رعويل بن مرّ بن عيفاء (c) ابن مدين بن إبراهيم ﵇، وكان لسانه العربيّة، فمنهم من رأى أنّهم من العرب الداثرة والأمم البائدة، وبعض من ذكرنا من الأجيال الخالية؛ ومنهم من رأى أنّهم من ولد المحصّن (d) بن جندل بن يعصب بن مدين بن إبراهيم الخليل، وأن شعيبّا أخوهم (e) في النّسب؛ وقد كانوا عدّة
(a-a)) ساقط من الأصل. (b) بولاق: نوفل. (c) بولاق: عيفا. (d) مروج الذهب: المحض. (e) بولاق: آخرهم. (١) ياقوت: معجم البلدان ٧٧: ٥. (٢) الفراء: معاني القرآن ٣٠٤: ٢.