وكانت قد سمعت الحديث، وخرّج لها الحافظ أبو العبّاس أحمد بن محمد الظّاهري «أحاديث ثمانيّات» حدّثت بها. وكانت عاقلة ديّنة فصيحة، لها أدب وصدقات كثيرة.
وتركت مالا جزيلا، وأوصت ببناء مدرسة يجعل فيها فقهاء وقرّاء، ويشترى لها وقف يغلّ.
فبنيت هذه المدرسة، وجعل فيها درس للشّافعية ودرس للحنفية، وقرّاء. وهي إلى اليوم عامرة (١).
المدرسة الخرّوبيّة
هذه المدرسة على شاطئ النيل من مدينة مصر، أنشأها تاج الدّين محمد بن صلاح الدّين أحمد بن محمد بن عليّ الخرّوبي، لمّا أنشأ بيتا كبيرا مقابل بيت أخيه عزّ الدّين قبليّه على شاطئ النيل، وجعل فيه هذه المدرسة. وهي ألطف من مدرسة أخيه، وبجنبها مكتب سبيل، ووقف عليها أوقافا، وجعل بها مدرّس حديث فقط، ومات بمكّة في آخر المحرّم سنة خمس وثمانين وسبع مائة (٢).
مدرسة المحلّي
هذه المدرسة على شاطئ النيل، داخل صناعة التّمر، ظاهر مدينة مصر (٣). أنشأها رئيس التّجّار برهان الدّين إبراهيم بن عمر بن عليّ المحلّي ابن بنت العلاّمة شمس الدّين محمد بن اللبّان، وينتهي في نسبه إلى طلحة بن عبيد اللّه أحد العشرة ﵃. وجعل هذه المدرسة بجوار داره التي عمّرها في مدّة سبع سنين، وأنفق في بنائها زيادة على/ خمسين ألف دينار، وجعل بجوارها مكتب سبيل، لكن لم يجعل بها مدرّسا ولا طلبة (٤). وتوفي يوم ثاني عشرين ربيع الأوّل سنة ستّ وثمان مائة عن مال عظيم، أخذ منه السّلطان الملك الناصر فرج بن برقوق مائة ألف دينار، وكان مولده سنة خمس وأربعين وسبع مائة. ولم يكن مشكور السّيرة في الدّيانة (٥).
(١) أعاد المقريزي ذكر المدرسة القطبيّة، فيما يلي ٣٩١: ٢. (٢) ابن دقماق: الانتصار ١٠: ٩٩: ٤، وفيه أنّها قبلي المدرسة العزيّة التي أنشأها أخوه عزّ الدّين بن صلاح الدّين ابن الخرّوبي؛ وانظر كذلك المقريزي: درر العقود الفريدة ٢٢٩: ٣. (٣) انظر فيما تقدم ٢٥٨: ٣. (٤) المقريزي: درر العقود الفريدة ١١٠: ١ وفيه فأحرقت هذه الدّار جميعها سنة ستّ وثلاثين [وثمان مائة] وسلمت المدرسة. (٥) انظر ترجمة برهان الدّين إبراهيم المحلي عند، المقريزي: درر العقود الفريدة ١٠٩: ١ - ١١١ (وفيه: -