ولقى أنطونيوس بالجبل الشّرقي من حيث دير العربة (a)، وأقام عنده مدّة، ثم ألبسه لباس الرّهبانيّة، وأمره بالمسير إلى وادي النطرون ليقيم هناك، ففعل ذلك. واجتمع عنده الرّهبان الكثيرة العدد، وله عندهم فضائل عديدة، منها: أنّه كان لا يصوم الأربعين إلاّ طاويا في جميعها، لا يتناول غذاء ولا شرابا ألبتّة، مع قيام ليلها، وكان يعمل الخوص ويتقوّت منه، وما أكل خبزا طريّا قطّ، بل يأخذ القراقيش فيبلّها في نقاعة الخوص، ويتناول منها هو ورهبانه (b) ما يمسك الرّمق من غير زيادة، هذا قوتهم مدّة حياتهم حتى مضوا لسبيلهم.
وأمّا أبو مقّار الإسكندراني (١)، فإنّه ساح من الإسكندرية إلى مقاريوس المذكور، وترهّب على يديه.
ثم كان أبو مقّار الثّالث، وصار أسقفا.
دير بويحنّس القصير
يقال إنّه عمّر في أيّام قسطنطين بن هيلانة. ولأبي يحنّس هذا فضائل مذكورة، وهو من أجلّ الرّهبان. وكان لهذا الدّير حالات شهيرة، وبه طوائف من الرّهبان، ولم يبق به الآن إلاّ ثلاثة رهبان (٢).
/ دير إلياس ﵇
وهو دير للحبشة. وقد خرب دير يحنّس، كما خرب دير إلياس، أكلت الأرضة أخشابهما
(a) بولاق: العزبة. (b) بولاق: رهبان الدير. (١) أبو مقار الإسكندراني أو القديس مقاريوس السّكندري، أحد رهبان منطقة القلاّية Kellia في القرن الرابع الميلادي، ويحتفل بعيده في ٦ بشنس. (راجع، Guillaumont، A.، CE art.Macarius Alexandrinus،. (Sointv، pp. ١٤٨٨ - ٩٠ وتقع منطقة القلاّية بين بلدتي أبي المطامير وحوش عيسى شمالا وبلده الدّلنجات جنوبا، وهي المنطقة الواقعة أيضا بين دمنهور ووادي النطرون، وبدئ في الكشف عنها ودراستها اعتبارا من عام ١٩٦٤. (راجع، Guillaumont، A.CE art.Kellia V، pp. ؛ ١٣٩٦ - ٩٨ صموئيل السرياني: دليل الكنائس ١٧). (٢) بدأت جامعة ميتشجان الأمريكية في يناير سنة ١٩٩٢ مشروعا للمسح الأثري لمنطقة دير بويحنّس القصير، ووجدت بعض أرضيّات الدّير على عمق ثلاثة أمتار من سطح الكوم، كما وجدت أكثر من خمس عشرة منشوبيّة (أي مسكن الرّهبان) في المنطقة المحيطة بالدّير. (صموئيل السرياني: دليل الكنائس ٣٤).