للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان كريما شجاعا، يسافر كلّ سنة مجرّدا بالعسكر، فيصل إلى حلب للغارة ومحاصرة قلاع العدوّ، فاشتهر بذلك في بلاد العدوّ، وعظم صيته، واشتدّت مهابته. وكانت له رغبة في شراء المماليك والخيول بأغلى القيم، وكان يبعث للأمراء المجرّدين معه النّفقة، ويقوم لهم بالشّعير والأغنام. وبلغت مماليكه الغاية في الحشمة، وكان إقطاع كلّ منهم في السنة عشرين ألف درهم فضّة، عنها يومئذ ألف مثقال من الذّهب. ولكلّ من جنده خبز مبلغه في السنة عشرة آلاف درهم، سوى كلفهم من الشّعير واللّحم. ومع ذلك فكان خيّرا ديّنا، له صدقات ومعروف وإحسان كثير. ومات بعد ما ترك إمرته في مرضه الذي مات فيه للنصف من ربيع الآخر سنة ستّ وسبع مائة، .

وبهذا الخطّ عدّة دور جليلة، يأتي ذكرها عند ذكر الدّور من هذا الكتاب إن شاء اللّه تعالى.

أولاد شيخ الشّيوخ -

جماعة أصلهم الذي ينتسبون إليه حمويه بن عليّ، يقال إنّه من ولد رزم بن ثونان (a) أحد قوّاد كسرى أنوشروان، وولي قيادة جيش نصر بن نوح بن سامان ودبّر دولته، وهو جدّ شيخ الإسلام محمد وأخيه أبي سعد بني حمويه بن محمد بن حمويه (١).

وكان محمد وأبو سعد من ملوك خراسان، فتركا الدّنيا وأقبلا على طريق الآخرة، ومات ركن الإسلام أبو سعد بنجراباذ (b) من قرى جوين (٢) في سنة سبع وعشرين وخمس مائة، ومات أخوه شيخ الإسلام محمد بها في سنة ثلاثين وخمس مائة.

وترك أبو سعد زين الدّين أحمد وبنات، وترك شيخ الإسلام محمد ولدا واحدا وهو أبو الحسن عليّ. فتزوّج عليّ بن محمد بابنة عمّه أبي سعد، ورزق منها سعد الدّين (c) ومعين الدّين حسنا وعماد الدّين عمر. وترك زين الدّين أحمد بن أبي سعد ركن الدّين أبا سعد وعزيز الدّين وزين الدّين القاسم. فقدم عماد الدّين عمر بن


(a) بولاق: يونان.
(b) بولاق: بنجران.
(c) بياض في آياصوفيا مقدار كلمة.
(١) راجع عن أولاد شيخ الشيوخ Gattshalk، H.L.، «Die Aulad Shaykh ash-Shuyukh (Banu Hamawiya)»، WZKM ٥٣ (١٩٥٠)، pp. ٥٧ - ٨٧; id.، El ٢ art.Awlad al-ShaykhI، pp. ٧٨٨ - ٨٩؛ حامد زيّان غانم: العلماء بين الحرب والسياسة في العصر الأيوبي (أسرة شيخ الشيوخ)، القاهرة ١٩٧٨.
(٢) جوين. كورة على طريق القوافل من بسطام إلى نيسابور تتّصل حدودها بحدود بيهق من جهة القبلة وينسب إليها خلق كثير. (ياقوت: معجم البلدان ١٦٤: ٤ - ١٦٥).