عليّ بن محمد بن حمويه إلى دمشق، وصار شيخ الشّيوخ بها، وقدم عليه ابنه شيخ الشّيوخ صدر الدّين عليّ.
فلمّا مات عمر في رجب سنة سبع وسبعين وخمس مائة بدمشق، أقرّ السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب ولده صدر الدّين محمدا موضعه. وصار شيخ الشّيوخ بدمشق فتزوّج بابنة القاضي/ شهاب الدّين بن أبي عصرون، ورزق منها عشرة بنين: منهم عماد الدّين عمر، وفخر الدّين يوسف، وكمال الدّين أحمد، ومعين الدّين حسن (a). فأرضعت أمّهم - بنت أبي عصرون - السّلطان الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيّوب، فصار أخا لأولاد صدر الدّين شيخ الشّيوخ من الرّضاعة. وقدم صدر الدّين إلى القاهرة، وولي تدريس الشّافعي بالقرافة ومشيخة الخانقاه الصّلاحيّة سعيد السّعداء، ثم سافر فمات بالموصل في رابع عشر جمادى الأولى سنة سبع عشرة وستّ مائة (١).
واستبدّ الملك الكامل بمملكة مصر بعد أبيه، فرقّى أولاد صدر الدّين شيخ الشّيوخ محمد ابن حمويه الأربعة، وبعث عماد الدّين عمر في الرّسالة إلى الخليفة ببغداد، وجمع له بين رئاسة العلم والقلم في سنة ثلاث وثلاثين وستّ مائة، ولم يجتمع ذلك لأحد في زمانه. وما زال على ذلك إلى أن مات الملك الكامل، وقام من بعده في سلطنة مصر ابنه الملك العادل أبو بكر بن الكامل.
فخرج إلى دمشق ليحضر إليه الملك الجواد مظفّر الدّين يونس بن مودود بن العادل أبي بكر ابن أيّوب نائب السّلطنة بدمشق، فدسّ عليه من قتله على باب الجامع في سادس عشرين جمادى الآخرة سنة ستّ وثلاثين وستّ مائة.
وأمّا فخر الدّين يوسف ابن شيخ الشّيوخ صدر الدّين، فإنّ الملك الكامل جعله أحد الأمراء، وألبسه الشّربوش والقباء ونادمه، وبعثه في الرّسالة عنه إلى ملك الفرنج، ثم إلى أخيه المعظّم بدمشق ثم إلى الخليفة ببغداد، وأقامه يتحدّث بمصر في تدبير المملكة وتحصيل الأموال، ثم بعثه حتى تسلّم حرّان والرّها، وجهّزه إلى مكّة على عسكره. فقاتل صاحبها الأمير راجح الدّين ابن قتادة، وأخذها بالسّيف، وقتل عسكر اليمن.