منسوبة إلى الأستاذ أبي الفتوح برجوان الخادم، كان خصيّا أبيض تام الخلقة، ربّي في دار الخليفة العزيز باللّه، وولاّه أمر القصور، فلمّا حضرته الوفاة وصّاه على ابنه الأمير أبي عليّ منصور (١). فلمّا مات العزيز باللّه، أقيم ابنه منصور في الخلافة من بعده، وقام بتدبير الدّولة أبو محمد الحسن بن عمّار الكتامي (٢)، فدبّر الأمور وبرجوان يناكده فيما يصدر منه (a)، ويختصّ بطوائف من العسكر دونه، إلى أن فسد (b) أمر ابن عمّار. فنظر برجوان في تدبير الأمور يوم الجمعة لثلاث بقين من رمضان سنة سبع وثمانين وثلاث مائة، وصار الواسطة بين الحاكم وبين النّاس، فأمر بجمع الغلمان ونهاهم عن التعرّض لأحد من الكتاميين والمغاربة.
ووجّه إلى دار ابن عمّار، فمنع النّاس من التّعرّض إليها (c) بعد أن كانوا قد أحاطوا بها وانتهبوا منها، وأمر أن يجري لأصحاب الرّسوم والرّواتب جميع ما كان ابن عمّار قطعه، وأجرى لابن عمّار ما كان يجري له في أيّام العزيز باللّه من الجرايات لنفسه ولأهله وحرمه. ومبلغ ذلك من اللّحم والتّوابل خمس مائة دينار في كلّ شهر، تزيد عن ذلك أو تنقص عنه على قدر الأسعار، مع ما كان له من الفاكهة وهو في كلّ يوم سلّة بدينار، وعشرة أرطال شمع بدينار ونصف، وحمل ثلج (d).
وجعل كاتبه أبا العلاء/ فهد بن إبراهيم النّصراني يوقّع عنه (٣)، وينظر في قصص الرّافعين وظلاماتهم. فجلس لذلك في القصر، وصار يطالعه بجميع ما يحتاج إليه. ورتّب الغلمان في
(a) بولاق: عنه. (b) بولاق: أفسد. (c) بولاق: فمنع الناس عنها. (d) بولاق: بلح. (١) راجع أخبار برجوان عند، ابن الصيرفي: الإشارة إلى من نال الوزارة ٥٧ - ٥٨؛ ابن ظافر: أخبار الدول المنقطعة ٦٠؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ٢٧٠: ١ - ٢٧١؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ١١٠: ١٠؛ النويري: نهاية الأرب ١٧١: ٢٨ - ١٧٥؛ المقريزي: المقفى الكبير ٥٧٢: ٢ - ٥٧٥، Lewis، B.، El art.Bardjawan I، pp. ١٠٧٣ - ٧٤. (٢) أمين الدّولة الحسن بن محمد بن عمّار، أوّل من تلقّب في الدّولة الفاطمية، زعيم المغاربة في زمن الحاكم بأمر اللّه. أقصي عن الوساطة عام ٣٨٧ هـ/ ٩٩٧ م وحلّ محلّه برجوان ممّا أدّى إلى تفوّق المشارقة على المغاربة. (ابن ميسر: أخبار مصر ١٧٩؛ ابن الصيرفي: الإشارة ٥٦؛ النويري: نهاية الأرب ١٦٨: ٢٨؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ٥: ٢ - ٦، المقفى الكبير ٣٤٥: ٣؛ وفيما يلي ١٠٥ - ١٠٧). (٣) أبو العلاء فهد بن إبراهيم النّصراني، لقّب ب