للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا زالت الدّولة، واختطّ موضع إسطبل الجميّزة الدّور وغيرها، وعرف موضع الإسطبل بالبندقانيين - قيل لهذا السّوق سوق البندقانيين. وأدركته سوقا كبيرا، معمور الجانبين بالحوانيت التي قد تهدّم أغلبها منذ كان الحريق بالبندقانيين في سنة إحدى وخمسين وسبع مائة، كما ذكر في خطّ البندقانيين عند ذكر الأخطاط من هذا الكتاب (١).

وفي هذا/ السّوق كثير من أرباب المعايش (a) المعدّين لبيع المأكولات من الشّواء والطّعام المطبوخ وأنواع الأجبان والألبان والبوارد والخبز والفواكه، وعدّة كثيرة من صنّاع قسيّ البندق، وكثير من الرّسّامين، وكثير من بيّاعي الفقّاع. فلمّا حدثت المحن بعد سنة ستّ وثمان مائة، اختلّ هذا السّوق خللا كبيرا وتلاشى أمره.

[سوق الأخفافيين]

هذا السّوق بجوار سوق البندقانيين، يباع فيه الآن خفاف النّسوان ونعالهن. وهو سوق مستجدّ أنشأه الأمير يونس النّوروزي، دوادار الملك الظّاهر برقوق، في سنة (b) وثمانين وسبع مائة، ونقل إليه الأخفافيين بيّاعي أخفاف النّساء من خطّ الحريريّين والزّجاجيّين.

وكان مكانه ممّا خرب في حريق البندقانيّين فركّب بعض القيساريّة على بئر زويلة، وجعل بابها تجاه درب الأنجب، وبنى بأعلاها ربعا كبيرا فيه عدّة مساكن، وجعل الحوانيت بظاهرها وبظاهر درب الأنجب، وبنى فوقها أيضا عدّة مساكن. فعمر ذلك الخطّ بعمارة هذه الأماكن، وبه إلى الآن سكن بيّاعي أخفاف النّساء ونعالهنّ التي يقال للنعل منها «سرموزة»، وهو لفظ فارسيّ معناه «رأس الخفّ»، فإنّ «سر» رأس، و «موزة» خفّ (٢).


(a) بولاق: أرباب المعاش.
(b) بياض في النسخ، وفي بولاق: بضع. ٧٩١ هـ/ ١٣٨٩ م. (المقريزي: السلوك ٦٨٨: ٣؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٢٦٤: ٥؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٨٤: ١١؛ الصيرفي: نزهة النفوس ٢٧٩: ١).
(١) فيما تقدم ٨٩ - ٩٢.
(٢) فيما تقدم ٣٠٥ - ٣٠٦.