للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطّواشي حسام الدّين كلّما دخل إلى السّلطان الملك الصّالح حتى يخرج من عنده فأقدّمها له.

وكان كثير البرّ والصّدقات، وله أموال جزيلة، ومدحه عدّة من الشّعراء، وأجاز على المديح، وتجاوز عمره ثمانين سنة. فلمّا خرج الملك النّاصر محمد بن قلاوون لقتال التّتر، في سنة تسع وتسعين وستّ مائة، سافر معه فمات بالسّوادة ودفن بها، ثم نقل منها بعد وقعة شقحب إلى تربته بالقرافة فدفن هناك (١).

وما برح هذا الفندق يودع فيه التّجّار وأرباب الأموال صناديق المال. ولقد كنت أدخل فيه فإذا بدائره صناديق مصطفّة ما بين صغير وكبير، لا يفضل عنها من الفندق غير ساحة صغيرة بوسطه، وتشتمل هذه الصّناديق من الذّهب والفضّة على ما يجلّ وصفه.

فلمّا أنشأ الأمير الطّواشي زين الدّين مقبل الزّمام الفندق بالقرب منه، وأنشأ الأمير قلمطاي الفندق بالزّجّاجين، وأخذ الأمير يلبغا السّالمي أموال النّاس في واقعة تيمور لنك في سنة ثلاث وثمان مائة، تلاشى أمر هذا الفندق، وفيه إلى الآن بقيّة.

فندق الصّالح (a)

هذا الفندق (b)) والرّبع علوّه (b) بجوار باب القوس الذي كان أحد بابي زويلة، فمن سلك اليوم من المسجد المعروف بسام بن نوح يريد باب زويلة، صار هذا الفندق على يساره.

وأنشأه، هو وما يعلوه من الرّبع، الملك الصّالح علاء الدّين عليّ بن السّلطان الملك المنصور قلاوون (٢). وكان أبوه لمّا عزم على المسير إلى محاربة التّتر ببلاد الشّام، سلطنة وأركبه بشعار السّلطنة من قلعة الجبل في شهر رجب سنة تسع وسبعين وستّ مائة، وشقّ به شارع القاهرة من باب النّصر إلى أن عاد إلى قلعة الجبل، وأجلسه على مرتبته وجلس إلى جانبه،


(a) مسودة المواعظ: فندق الملك الصالح.
(b-b) إضافة من مسودة المواعظ. نعال النّساء، أو نوع من الأحذية القصيرة التي تخلع عند دخول المنزل. (فيما يلي ٣٤٦؛ Mayer، L.، Mamluk (Costume، pp. ٧٢، ٧٤.
(١) المقريزي: مسودة المواعظ ٤٠٧.
(٢) يدلّ على موضعه الآن المبنى الواقع خلف مسجد سام ابن نوح على يسار السالك إلى باب زويلة أمام المباني الواقعة شمال جامع المؤيد شيخ.