النّيل، وعرف بالأمير عزّ الدين أيدمر الأفرم الصّالحي النّجمي أمير جندار، وذلك أنّه لمّا استأجر بركة الشّعيبيّة - كما ذكر عند ذكر البرك من هذا الكتاب (١) - جعل منها فدّانين من غربيها أذن للنّاس في تحكيرها، فحكّرت وبني عليها عدّة دور بلغت الغاية في إتقان العمارة.
وتنافس عظماء دولة النّاصر محمد بن قلاوون من الوزراء وأعيان الكتّاب في المساكن بهذا الجسر، وتناهوا في التأنّق (a) وتفنّنوا في بديع الزّخرفة، وبالغوا في تحسين الرّخام، وخرجوا عن الحدّ في كثرة إنفاق الأموال العظيمة على ذلك، بحيث صار خطّ الجسر خلاصة العامر من إقليم مصر، وسكّانه أرفه (b) النّاس عيشا وأترف المتنعّمين حياة وأوفرهم نعمة، ثم خرب هذا الجسر بأسره وذهبت دوره.
وأمّا الجهة الشّرقيّة من مصر ففيها قلعة الجبل، وقد أفردت (c) لها خبرا مستقلاّ يحتوي على فوائد كثيرة تضمّنه هذا الكتاب، فانظره (٢). ويتّصل آخر قلعة الجبل بخطّ باب القرافة، وهو من أطراف القطائع والعسكر، ويلي خطّ باب القرافة الفضاء الذي كان يعرف بالعسكر، وقد تقدّم ذكره، وكان بأطراف العسكر ممّا يلي كوم الجارح.
[الموقف]
قال ابن وصيف شاه في أخبار الرّيّان بن الوليد، وهو فرعون نبيّ اللّه يوسف - صلوات اللّه عليه -: ودخل إلى البلد في أيامه غلام من أهل الشّام احتال عليه إخوته وباعوه - وكانت قوافل الشّام تعرس بناحية الموقف اليوم - فأوقف الغلام ونودي عليه، وهو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرّحمن - صلوات اللّه عليهم - فاشتراه أطفين العزيز (٣).
ويقال إنّ الذي أخرج يوسف من الجبّ مالك بن دعر بن حجر بن جزيلة بن لخم بن عديّ بن الحارث بن مرّة بن أدد بن زيد بن يشجب (d) بن غريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب (d) ابن يعرب بن قحطان.
(a) بولاق: وبنوا وتأنقوا. (b) بولاق: أرق. (c) بولاق: أفردنا. (d) (d-d) ساقط من بولاق. (١) فيما يلي ١٩٨: ٢. (٢) فيما يلي ٢٠٢: ٢ - ٢١٥. (٣) فيما تقدم ٦٥٨: ١.