بأسرها. فلمّا حضر السّلطان، وقدّم اليهود والنّصارى ليحرقوا، برز ابن الكازروني اليهودي - وكان صيرفيّا - وقال للسّلطان: سألتك باللّه لا تحرقنا مع هؤلاء الكلاب الملاعين أعدائنا وأعدائكم، أحرقنا ناحية وحدنا. فضحك السّلطان والأمراء، وحينئذ تقرّر الأمر على ما ذكر، فندب لاستخراج المال منهم الأمير سيف الدّين بلبان المهراني، فاستخلص بعض ذلك في عدّة سنين. وتطاول الحال فدخل كتّاب الأمراء مع مخاديمهم، وتحيّلوا في إبطال ما بقي، فبطل في أيام السّعيد بن الظّاهر.
وكان سبب فعل النّصارى لهذا الحريق حنقهم لمّا أخذ الظّاهر من الفرنج أرسوف وقيساريّة وطرابلس ويافا وأنطاكية (١).
وما زالت الباطليّة خرابا، والنّاس تضرب بحريقها المثل لمن يشرب الماء كثيرا فيقولون: كأنّ في باطنه حريق الباطليّة.
ولمّا عمّر الطّواشيّ بهادر المقدّم داره بالباطليّة، عمّر فيها مواضع بعد سنة خمس وثمانين وسبع مائة (٢).
حارة الرّوم
قال ابن عبد الظّاهر: واختطّت الرّوم حارتين: حارة الرّوم الآن [المشهورة] (a)، وحارة الرّوم الجوّانيّة (b)) وهي التي تقرب من باب النّصر على يسار الدّاخل منه (b). فلمّا (b)) صار النّاس يقولون حارة الرّوم البرّانيّة وحارة الرّوم الجوّانيّة (b)، ثقل ذلك عليهم فقالوا:«الجوّانيّة» لا غير. والورّاقون إلى هذا الوقت يكتبون حارة الرّوم السّفلى وحارة الرّوم العليا المعروفة بالجوّانيّة (٣).
(a) زيادة من ابن عبد الظاهر. (b-b) ساقطة من بولاق. (١) انظر ابن عبد الظاهر: الروض الزاهر ٢٣٥ - ٢٣٩. (٢) فيما يلي ٢٤٤. (٣) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ٢١؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٣٥٠؛ وانظر كذلك، ابن أبيك: كنز الدرر ١٤١: ٦؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣٥٥: ٣؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٤٢: ٤؛ وفيما يلي ٣٧. وما تزال حارة الرّوم البرّانيّة معروفة إلى الآن بحارة الرّوم داخل باب زويلة على يمين الدّاخل منه خلف السّكّريّة، وبها دير الأمير تادرس. أمّا الحارة الجوّانيّة فما زالت أيضا تحمل نفس الاسم وهي خلف باب النّصر بشارع الجمالية على يسار الداخل منه (فيما يلي ٣٧ - ٣٨).