ثم تجرّد إلى اليمن وعاد، فتنكّر عليه السّلطان، وحبسه في ذي القعدة سنة خمس وعشرين وسبع مائة، وأفرج عنه في رجب سنة خمس وثلاثين، وجهّزه من الإسكندرية إلى حلب، فصار بها أميرا من أمرائها.
ثم تنقّل منها إلى إمرة بدمشق بعد عزل تنكز، فلم يزل بها إلى أن توجّه الفخري وطشتمر إلى مصر، فأقرّه على نيابة الغيبة بدمشق، وكان قد أسنّ، ومات في شهر رجب سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة.
وأدركنا له حفيدا يعرف بعلاء الدّين أمير عليّ بن شهاب الدّين أحمد بن بيبرس الحاجب. قرأ القراءات السّبع على والده، وكان حسن الأداء للقراءة، مشهورا بالعلاج يعالج بمائة وعشرة أرطال. مات وهو شاخ في سابع ربيع الآخر سنة إحدى وثمان مائة.
دار عبّاس
هذه الدّار كانت في درب شمس الدّولة، عرفت بالوزير عبّاس بن يحيى بن تميم بن المعزّ ابن باديس. أصله من المغرب، وترقّى في الخدم حتى ولي الغربيّة، ولقّب بالأمير ركن الإسلام (١).
وكانت أمّه تحت الأمير المظفّر عليّ بن السّلار والي البحيرة (a) والإسكندرية. فلمّا رحل عليّ ابن السّلار إلى القاهرة وأزال الوزير نجم الدّين سليمان بن مصال من الوزارة واستقرّ مكانه في وزارة الخليفة الظّافر بأمر اللّه وتلقّب بالعادل، قدّمه لمحاربة ابن مصال فلم ينل غرضا، فخرج إليه عبّاس حتى ظفر به.
وولي ناصر الدّين نصر بن عبّاس ولاية مصر بشفاعة جدّته أم عبّاس؛ فاختصّ به الخليفة الظّافر واشتغل به عمّن سواه - وكان جريئا مقداما - فخرج أبوه (b) عبّاس بالعسكر لحفظ عسقلان من الفرنج، ومعه من/ الأمراء ملهم والضّرغام وأسامة بن منقذ، وكان أسامة خصيصا بعبّاس.
(a) بولاق: البحيراء. (b) بولاق: فخرج إليه أمر. (١) المقريزي: مسودة المواعظ ٤٠١، ولخّص المقريزي في مسودة المواعظ خبر الوزير عبّاس من «تاريخ» ابن ميسّر.