فإن تركها أفعل. فكلّم عبد اللّه علقمة فتركها، فتزوّجها عبد اللّه بن سعد، ثم هلك عنها عبد اللّه فتزوّجها بعده علقمة بن يزيد، ثم هلك عنها علقمة فتزوّجها بعده كريب بن أبرهة وماتت تحته (١).
وقيل مشت الرّوم إلى قسطنطين بن هرقل، في سنة خمس وثلاثين، فقالوا: أنترك الإسكندرية في أيدي العرب وهي مدينتنا الكبرى؟ فقال: ما أصنع بكم؟ ما تقدرون أن تمالكوا ساعة إذا لقيتم العرب؛ قالوا: اخرج على أنّا نموت، فتبايعوا على ذلك. فخرج في ألف مركب يريد الإسكندرية، فسار في أيّام غالبة من الرّيح (a)، فبعث اللّه عليهم ريحا فغرّقتهم، إلاّ قسطنطين فإنّه نجا بمركبه، فألقته الرّيح بصقلّيّة، فسألوه عن أمره، فأخبرهم؛ فقالوا: شعّبت (b) النّصرانيّة، وأفنيت رجالها، لو دخلت العرب علينا لم نجد من يردّهم؛ فقال: خرجنا مقتدرين فأصابنا هذا.
فصنعوا له الحمّام ودخلوا عليه، فقال: ويلكم، يذهب رجالكم، وتقتلون ملككم؟ قالوا: كأنّه غرق معهم. ثم قتلوه وخلّوا من كان معه في المركب (٢).
قال أبو عمر الكندي: وإنّما سمّيت غزوة ذي الصّواري لكثرة صواري المراكب واجتماعها (٣).
ذكر بحيرة الإسكندريّة
قال ابن عبد الحكم: كانت بحيرة الإسكندرية كروما كلّها لامرأة المقوقس، فكانت تأخذ خراجها منهم الخمر بفريضة عليهم، فكثر الخمر عليها حتى ضاقت به ذرعا، فقالت: لا حاجة لي في الخمر، أعطوني دنانير؛ فقالوا: ليس عندنا؛ فأرسلت إليهم الماء فغرّقتها، فصارت بحيرة يصاد فيها الحيتان، حتى استخرجها الخلفاء من بني العبّاس، فسدّوا جسورها وزرعوها (٤).
(a) بولاق: غالبة الرياح. (b) بولاق: شتت. (١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١٨٩ - ١٩١. (٢) نفسه ١٩١. (٣) الكندي: ولاة مصر ٣٦ - ٣٧ وأيضا المسعودي: التنبيه والإشراف ١٥٨؛ ويبدو أن الصواب غير ذلك من خلال ما ذكره الطبري يقول: «فركب في مركب وحده وما معه إلاّ القبط حتى بلغوا ذات الصواري، فلقوا جموع الروم في خمس مائة مركب أو ست مائة» (تاريخ ٢٩١: ٤)، وفي موضع آخر: «وأقام عبد الله بذات الصواري أياما بعد هزيمة القوم» (تاريخ ٢٩٢: ٤)، مما يدل على أنها اسم موضع كان مصدرا لأخشاب تصنع منها الصواري! (٤) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٧.