للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فلمّا استبدّ الأمير شيخ بمملكة الدّيار المصرية، واعتقل الخليفة وتلقّب بالملك المؤيّد شيخ في شعبان سنة خمس عشرة وثمان مائة، أقرّ فتح اللّه على رتبته. ثم قبض عليه يوم الخميس تاسع شوّال وعوقب غير مرّة، وأحيط بجميع أمواله وأسبابه وحواشيه، وبيع عليه بعض ما وجد له، وحمل ما تحصّل منه فبلغ ما ينيف عن أربعين ألف دينار سوى ما أخذ ممّا لم يبع وهو ما يتجاوز (a) ذلك.

وما زال في العقوبة إلى أن خنق في ليلة الأحد خامس عشر شهر ربيع سنة ستّ عشرة وثمان مائة، وحمل من الغد إلى تربته [خارج باب المحروق] (b) فدفن بها.

وكان من خير أهل زمانه رياضة وديانة، وطيب مقال وتألّه وتنسّك، ومحبّة لسنّة رسول اللّه ، وحسن قيام مع السّلطان في أمر النّاس، وبه كفى اللّه عن النّاس من شرّ النّاصر فرج شيئا كثيرا. وقد ذكرته بأبسط من هذا في كتابي «درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة» وفي كتابي «خلاصة التّبر في أخبار كتّاب السّرّ» (١).

[دار ابن قرقة]

هذه الدّار من الدّور القديمة، وهي بخطّ سويقة المسعودي إلى خطّ بين السّورين، وقد تغيّرت معالمها.

قال ابن عبد الظّاهر: دار ابن قرقة هي الآن سكن الأمير صارم الدّين المسعودي والي القاهرة، بأوّل حارة زويلة من جهة باب الخوخة على يسرة السّالك إلى داخل الحارة، وهي معروفة الآن (c)، وإلى جانبها الحمّام المعروفة بابن قرقة أيضا. وهذه الدّار والحمّام أنشأهما أبو سعيد بن قرقة الحكيم، وأباعهما في حال مصادرته ممّا خرج عليه منه، فابتاعتها جهة (d) علم السّعداء، ثم سكنها الكامل بن شاور، وهما من جهة الخليج (e) (٢). انتهى.


(a) بولاق: يجاور.
(b) زيادة من المنهل الصافي.
(c) بولاق: اليوم.
(d) ساقطة من بولاق.
(e) عند ابن عبد الظاهر: في جهة باب الخوخة.
(١) نقل أبو المحاسن جزءا من هذه الترجمة في المنهل الصّافي ٣٧٦: ٨ - ٣٧٧. وما وصل إلينا من «درر العقود الفريدة» للمقريزي لا توجد به هذه الترجمة؛ أمّا كتابه «خلاصة التّبر في أخبار كتّاب السّرّ» فهو كتاب مفقود، وإن وجدت بعض المواد التي جمعها له المقريزي في الكرّاسة المحفوظة بخطّه في مكتبة Liege ببلجيكا.
(٢) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١٠٩؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٤٠٦؛ وقارن مع أبي المحاسن: النجوم -