للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر مدائن أرض مصر]

قال ابن سيدة (١): مدن بالمكان أقام، والمدينة: الحصن يبنى في أصطمّة (a) الأرض، مشتقّ من ذلك، والجمع مدائن ومدن. ومن هنا حكم أبو الحسن - فيما حكى الفارسيّ عنه - أنّ مدينة: «فعيلة» (٢).

وقال العلاّمة أثير الدين أبو حيّان (٣): المدينة معروفة مشتقّة من مدن، فهى «فعيلة»، ومن ذهب إلى أنّها «مفعلة»، من دان - فقوله ضعيف لإجماع العرب على الهمز في جمعها، فإنّهم قالوا مدائن بالهمز، ولا يحفظ مداين بالياء. ولا ضرورة تدعو إلى أنّها «مفعلة» من دان، ويقطع بأنّها «فعيلة» جمعهم لها على «فعل»، فإنّهم قالوا مدن، كما قالوا صحف في صحيفة.

واعلم أنّ مدائن مصر كثيرة، منها ما دثر وجهل اسمه ورسمه، ومنها ما عرف اسمه وبقي رسمه، ومنها ما هو عامر.

وأوّل مدينة عرف اسمها في أرض مصر مدينة «أمسوس». وقد محا الطّوفان رسمها، ولها أخبار معروفة، وبها كان ملك مصر قبل الطّوفان، ثم صارت مدينة مصر بعد الطّوفان مدينة منف، وكان بها ملك القبط والفراعنة إلى أن خرّبها بخت نصّر (٤).


(a) بولاق: أسطحة.
(١) أبو الحسن عليّ بن إسماعيل (بن أحمد) بن سيدة المرسيّ، عالم لغوي أندلسي ضرير، الأمر الذي لم يعقه عن الاندماج في الحياة العلمية في الأندلس. وتوفي سنة ٤٥٨ هـ/ ١٠٦٦ م. عدّه صاعد الأندلسي «أعلم أهل الأندلس» قاطبة بالنحو واللغة والأشعار». وندين له بمعجمين لغويين هامين، الأول: «المخصّص» في سبعة عشر مجلدا، وهو من أثمن معاجم العربية، والثاني «المحكم والمحيط الأعظم» في اثني عشر مجلدا. واعتمد المقريزي في نقله عن ابن سيدّة على هذا الكتاب الأخير. (صاعد الأندلسي: التعريف بطبقات الأمم ٢٥٩ - ٢٦٠؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ٣٣٠: ٣ - ٣٣١؛ ياقوت: معجم الأدباء ٢٣١: ١٢ - ٢٣٥؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء ١٤٤: ١٨ - ١٤٦؛ الصفدي: نكت الهميان ٢٠٤ - ٢٠٥، Talbi?، M.، El ٢? art.Ibn Si? da. (III، pp. ٩٦٤ - ٦٥
(٢) ابن سيدة: المحكم والمحيط الأعظم ٧١: ١٠.
(٣) أثير الدين أبو حيّان محمد بن يوسف بن عليّ بن يوسف الأندلسي النّفزي، من كبار علماء اللغة والتفسير والحديث والتراجم. ولد بغرناطة بالأندلس وتنقّل بين العديد من البلاد إلى أن استقرّ بالقاهرة وتوفّي بها سنة ٧٤٥ هـ/ ١٣٤٤ م (الصفدي: الوافي بالوفيات ٢٦٧: ٥ - ٢٨٣. والكتاب الذي ينقل عنه المقريزي ربما كان «ارتشاف الضّرب من لسان العرب».
(٤) انظر فيما يلي ٣٩٢.