بستانا ومسجدا هما موجودان إلى اليوم، وتبعه النّاس في العمارة حتى لم يبق في جميع هذه المواضع مكان بغير عمارة، وبقي من يمرّ بها يتعجّب، إذ ما بالعهد من قدم بينا هى تلال رمل وحلافي، إذ صارت بساتين ومناظر وقصورا ومساجد وأسواقا وحمّامات وأزقّة وشوارع، (a)) لا يوجد ممّا هناك قدر ذراع ليس فيه بناء مع سعة تلك الخطّة طولا وعرضا (a) (١).
وفي ناحية بولاق هذه كان خصّ الكيّالة (٢) الذي يؤخذ فيه مكس الغلّة، إلى أن أبطله الملك النّاصر محمد بن قلاوون كما ذكر في الرّوك النّاصريّ من هذا الكتاب (٣). ولمّا كانت سنة ستّ وثمان مائة انحسر ماء النّيل عن ساحل بولاق، ولم يزل يبعد حتى صار على ما هو عليه الآن.
وناحية بولاق الآن عامرة، وتزايدت العمائر بها، وتجدّد فيها عدّة جوامع وحمّامات ورباع وغيرها. وأنشأ (b).
[ذكر ما بين بولاق ومنشأة المهراني]
وكان فيما بين بولاق ومنشأة المهراني خطّ فمّ الخور، وخطّ حكر ابن الأثير، وخطّ زربيّة (c) قوصون، وخطّ الميدان السّلطاني بموردة الملح، وخطّ منشأة الكتبة.
فأمّا فم الخور فكان فيه من المناظر الجليلة الوصف عدّة تشرف على النّيل، ومن ورائها البساتين، ويفصل بين البساتين والدّور المطلّة على النّيل شارع مسلوك، وأنشئ هناك حمّام وجامع وسوق. وقد تقدّم ذكر الخور (٤).
(a-a) إضافة من مسودة الخطط. (b) إضافة من آياصوفيا وباريس، وأمامها على الهامش: بياض أربعة أسطر. (c) بولاق: زريبة. (١) المقريزي: مسودة الخطط ١٧٣ و- ظ. (٢) خصّ الكيّالة. كان يقع خلف أحد الجوامع الثلاثة التي أنشأها ناظر الجيش فخر الدّين محمد بن فضل اللّه المعروف بالفخر، وهو الجامع الذي حلّ محلّه الآن جامع أبي العلاء بشارع ٢٦ يولية ببولاق (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٠١: ٩؛ وفيما يلي ٣١١: ٢). وعلى ذلك فإنّ خصّ الكيّالة كان كشكا كبيرا يقيم فيه عمّال تحصيل مكس الغلال في ذلك الوقت. ويمكن تحديد مكانه الآن على نيل القاهرة بين مبنى وزارة الخارجية وجامع سيدي أبي العلاء. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٤٥: ٩ هـ ٣). (٣) فيما تقدم ٢٣٩: ١. (٤) فيما تقدم ٣٩٥ - ٣٩٦، وانظر كذلك فيما يلي ٤٧٩. وكان خطّ فم الخور يشغل المنطقة التي يحدّها الآن من -