للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآقبغاوية الملحقة بالجامع الأزهر قال: «بناها هي والمدرسة، المعلّم ابن السّيوفي رئيس المهندسين في الأيّام النّاصرية، وهو الذي تولّى بناء جامع المارديني خارج باب زويلة وبنى مئذنته أيضا» (فيما يلي ٥٤٢). وليس ببعيد أن يكون المعلّم ابن السّيوفي هو الذي أشرف على بناء الكثير من العمائر المنشأة في دولة النّاصر محمد بن قلاوون.

وتولّى بناء «المدرسة الظّاهرية الجديدة» ببين القصرين المعلّم شهاب الدّين أحمد بن الطّولوني المهندس (فيما يلي ٦٨٦)، وهو مهندس ابن مهندس من أسرة اشتغلت بالعمارة وقامت بأعمال معمارية هامّة في مصر والحجاز، يقول أبو المحاسن: كان معلّم السّلطان ومهندسه وشادّ عمائره، ثم تزوّج السّلطان الظّاهر برقوق بأخته أو بنته، فنال بمصاهرة السّلطان السّعادة وأثرى وصار من ذوي الرّئاسة، وتوجّه إلى عمائر مكة غير مرّة آخرها في سنة ٨٠١ هـ، وتوفي عند عودته في صفر من هذا العام، ودفن بالمعلاة من مكة (١).

ومن خلال الكتابات المنقوشة على قاعدتي مئذنتي جامع المؤيّد شيخ فوق بدنتي باب زويلة نعرف أنّهما من «عمل العبد الفقير إلى اللّه تعالى محمد بن القزّاز» وكان الفراغ من عمل المئذنة الشرقية في أوّل رجب سنة ٨٢٢ هـ، والمئذنة الغربية في شهر شعبان سنة ٨٢٣ هـ (٢) (فيما يلي ٣٤٦ - ٣٤٧ هـ (٢)). وأطلق القلقشندي على من يتولّى ترتيب العمائر وتقديرها ويحكم على أرباب صناعاتها لقب «مهندس العمائر» (٣).

***

ومن أهمّ ما يميّز «المدرسة» وجود «المكتبة»، فقد حلّت «مكتبات المدارس» أو «خزائن الكتب»، وعلى الأخصّ في العصر المملوكي، محلّ خزائن كتب الخلفاء وخزائن دور العلم والحكمة، يقول القلقشندي - وهو يكتب في مطلع القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي -: «أمّا الآن فقد قلّت عناية الملوك بخزائن الكتب اكتفاء بخزائن كتب المدارس التي


(١) أبو المحاسن: المنهل الصافي ٢٨٣: ٢ - ٢٨٤، ٢٩٨: ٩؛ وانظر كذلك ابن الفرات: تاريخ الدول والملوك ١١: ٤٧٧: ٩.
(٢) وراجع حول هذا الموضوع مقال حسن عبد الوهاب المهم: «توقيعات الصّنّاع على آثار مصر الإسلامية»، مجلة المجمع العلمي المصري BIE ٣٦ (١٩٥٣ - ١٩٥٤)، ٥٣٣ - ٥٥٨.
(٣) القلقشندي: صبح الأعشى ٤٦٧: ٥.