للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العمل مع التّرفّق بهم والتّلطّف معهم وتمكينهم من أداء واجباتهم الدّينية كالصّلاة (١). وقد انتقد السّبكي ما يعتمده بعضهم من تسخير البنّائين وإجاعتهم وإعطائهم من الأجرة دون حقّهم، وعدّ استعمالهم فوق طاقتهم من أقبح الحرمات وأشنع الجراءات على اللّه تعالى في خلقه، خاصّة وأنّهم يعتمدونهم في بناء المساجد والمدارس (٢).

ومن بين من تولّوا وظيفة «شادّ العمائر» الذين ذكرهم المقريزي: الوزير علم الدّين سنجر الشّجاعي مدبّر الممالك الإسلامية في أيّام السّلطان المنصور قلاوون، فقد كان هو «الشّاد» على عمارة مجموعة قلاوون ببين القصرين (المدرسة والقبّة والمارستان) (فيما يلي ٥١٣، ٦٩٤، ٦٩٨)، وأنجز كذلك عمارة «تربة الصّالح علي» (أمّ السّلطان فاطمة خاتون) بالقرب من المشهد النّفيسي سنة ٦٨٢ هـ/ ١٢٨٣ م (فيما يلي ٥٨٥)، والأمير آق سنقر شادّ العمائر السّلطانية في أيّام الملك النّاصر محمد بن قلاوون، المتوفى سنة ٧٤٠ هـ/ ١٣٣٩ م، الذي تنسب إليه «قنطرة آق سنقر» على الخليج الكبير أمام قبو الكرماني (فيما تقدم ٤٩٢: ٣) و «الجامع» الذي أنشأه بسويقة السّبّاعين على البركة النّاصرية (فيما يلي ٢٣٨)، فهو الذي أشرف على عمارة الطّبلخاناه تحت القلعة سنة ٧٢٢ هـ/ ١٣٢٢ م (فيما تقدم ٦٩٠: ٣). وعندما ذكر المقريزي «جامع قوصون» (فيما يلي ٢٢٣) أشار إلى أنّه «بناه شادّ العمائر» وترك بياضا محلّ اسمه، والأمير صارم الدّين إبراهيم المعروف بشادّ العمائر السّلطانية أحد أمراء الطّبلخانات وصاحب المدرسة الصّارميّة عند قنطرة آق سنقر وشقّ التعبان (فيما يلي ٦٦٧)، وهذا دليل على أنّ كبار الأمراء كان لهم أيضا مشرفون يتولون أمر منشآتهم الكبيرة، أمّا «المدرسة الظّاهريّة الجديدة» التي أنشأها السّلطان الظّاهر برقوق سنة ٧٨٨ هـ/ ١٣٨٦ م، فقد تولّى أمر عمارتها الأمير جهاركس الخليلي أمير آخور (فيما يلي ٦٧٩).

وكان يتولّى إعداد تصميم هذه العمائر ورسم مخطّاطتها وقطاعاتها وواجهاتها مجموعة من المهندسين المتخصصين، فيذكر المقريزي أنّ المهندس الذي عهد إليه أحمد بن طولون بتصميم جامعه أعدّ تخطيطا للجامع على الجلود ابتكر فيه تصميم الجامع بلا عمد إلاّ عمودي القبلة (فيما يلي ٥٩)، أي أنّه استعاض عن الاستعانة بالأعمدة التي كانت تجلب من الكنائس بعمل الدّعامات المصنوعة من الأجر والتي تحمل سقف المسجد. وعند ما تحدّث المقريزي على بناء مئذنة المدرسة


(١) حسن الباشا: المرجع السابق ٦١٧.
(٢) السبكي: معيد النعم ١٢٩.