للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر مقابر مصر والقاهرة المشهورة]

القبر مدفن الإنسان، وجمعه قبور؛ والمقبرة موضع القبر. قال سيبويه: المقبرة ليس على الفعل، ولكنه اسم، وقبره يقبره: دفنه، وأقبره: جعل له قبرا (١).

واعلم أنّ لأهل مدينة مصر ولأهل القاهرة عدّة مقابر، وهي «القرافة»، فما كان منها في سفح الجبل يقال له «القرافة الصّغرى»، وما كان منها في شرق مصر بجوار المساكن يقال له «القرافة الكبرى». وفي القرافة الكبرى كانت مدافن أموات المسلمين منذ افتتحت أرض مصر، واختطّ العرب مدينة الفسطاط، ولم يكن لهم مقبرة سواها.

فلمّا قدم القائد جوهر من قبل المعزّ لدين اللّه وبنى القاهرة وسكنها الخلفاء، اتّخذوا بها تربة/ عرفت ب «تربة الزّعفران»، قبروا فيها أمواتهم (٢)، ودفن رعيّتهم من مات منهم في القرافة، إلى أن ختطّت الحارات خارج باب زويلة، فقبر سكانها موتاهم خارج باب زويلة ممّا يلي الجبل (a)، فيما بين جامع الصّالح وقلعة الجبل، وكثرت المقابر بها عند حدوث الشّدّة العظمى أيّام الخليفة المستنصر.

ثم لمّا مات أمير الجيوش بدر الجمالي دفن خارج باب النصر، فاتّخذ الناس هنالك مقابر موتاهم، وكثرت مقابر أهل الحسينيّة في هذه الجهة (٣). ثم دفن الناس الأموات خارج القاهرة في الموضع الذي عرف بميدان القبق، فيما بين قلعة الجبل وقبّة النصر، وبنوا هناك التّرب الجليلة (٤)، ودفن الناس أيضا خارج القاهرة فيما بين باب الفتوح والخندق.


(a) بولاق: الجامع.
(١) سيبويه: الكتاب ٥٩: ٤.
(٢) فيما تقدم ٣٥١: ٢ - ٣٥٣.
(٣) فيما تقدم ٦٣: ٣، ٣٦٨، ٤٦٢.
(٤) فيما تقدم ٣٧٦: ٣.