الأمير جمال الدّين الأستادّار. ولي شدّ باب رشيد بالإسكندرية مدّة، وكانت واقعة الفرنج بها في سنة سبع وستين وسبع مائة وهو مشدّ، فيقال إنّ ماله الذي وجد له حصّله يومئذ، ثمّ إنّه سار إلى القاهرة (١).
فلمّا كانت أيّام الظّاهر برقوق خدم أستادّارا عند الأمير سودون باق، ثم استقرّ شادّ الدّواوين إلى أن مات الأمير بهادر المنجكي أستادّار السّلطان، فاستقرّ عوضا عنه في وظيفة الأستادّارية يوم الثلاثاء ثالث جمادى الآخرة سنة تسعين وسبع مائة، ثمّ خلع عليه في يوم الخميس خامسه واستقرّ مشير الدّولة؛ فصار يتحدّث في دواوين السّلطنة الثّلاثة، وهي: الدّيوان المفرد الذي يتحدّث فيه الأستادّار، وديوان الوزارة ويعرف بالدّولة، وديوان الخاصّ المتعلّق بنظر الخواصّ.
وعظم أمره ونفذت كلمته لتصرّفه في سائر أمور المملكة.
= قاله محمد». أقول: هذه المكتبة كانت أحد أنفس مكتبات القاهرة جمعها القاضي برهان الدّين أبو إسحاق إبراهيم ابن عبد الرّحيم بن محمد بن جماعة الكناني الحموي المقدسي، المتوفى سنة ٧٩٠ هـ/ ١٣٨٨ م. قال عنه ابن حجر: «خلّف من الكتب النفيسة ما يعزّ اجتماع مثله لأنّه كان مغرما بها، فكان يشتري النسخة من الكتاب التي إليها المنتهى في الحسن، ثم يقع له ذلك الكتاب بخطّ مصنّفه فيشتريه فلا يترك الأولى، إلى أن اقتنى بخطوط المصنّفين ما لا يعبّر عنه كثرة». (إنباء الغمر ٣٥٥: ١). واشترى جمال الدّين محمود الأستادّار مكتبته من تركته بعد موته ووقفها على مدرسته، وشرط أن لا يخرج منها شيء من مدرسته. ورغم أنّ ابن حجر يذكر أنّ مجموع كتب هذه الخزانة كان نحو أربعة آلاف مجلّدة، فلم يتبق منها في نهاية القرن التاسع عشر - عندما جمعت الكتب الموجودة في المدارس والمساجد لتضمّ إلى الكتبخانه الخديوية - سوى ثمانية وخمسين كتابا فقط. (فؤاد سيد: «نصّان قديمان في إعارة الكتب»، مجلة معهد المخطوطات العربية ٢ (١٩٥٨)، ١٢٨؛ وانظر ترجمة برهان الدّين ابن جماعة كذلك عند، المقريزي: درر العقود الفريدة ٨٥: ١ - ٩٢ وفيه: «وقد قرأت عليه غير مرّة واستفدت منه، وكان صديقا لأبي، وسمع على جدّتي لأبي زينب بنت الكمال كتاب «الموطّأ» على ما أخبرني بذلك من لفظه ﵀ وغفر له»، السلوك ٥٨٦: ٣؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ٣١٤: ١١، المنهل الصافي ٩٧: ١ - ٩٩؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٣٩: ١ - ٤٠، إنباء الغمر ٣٥٥: ١؛ الصيرفي: نزهة النفوس ١٧٩: ١). وقد خرجت كتب هذه المكتبة في أعقاب الفتح العثماني لمصر واستقرّت في خزائن كتب إستانبول المختلفة، وعليها جميعا نصّ وقفيّة جمال الدّين محمود الأستادّار. (أيمن فؤاد: الكتاب العربي المخطوط ٢٥٥ - ٢٥٧، وانظر الأنموذج المرفق). (١) انظر ترجمة جمال الدّين محمود الأستادّار عند، المقريزي: السلوك ٨٨٥: ٣؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٩٧: ٥ - ٩٨؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ١٥٩: ١٢ - ١٦٠؛ الصيرفي: نزهة النفوس ٤٥٤: ١.