للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا زالت دولة الملك الظّاهر برقوق بحضور الأمير يلبغا الناصري نائب حلب، في يوم الاثنين خامس جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وسبع مائة، بعساكر الشّام إلى القاهرة واختفى الظّاهر ثم أمسكه، هرب هو وولده فنهبت دوره.

ثم إنّه ظهر من الاستتار في يوم الخميس ثامن جمادى الآخرة، وقدّم للأمير يلبغا الناصري مالا كثيرا، فقبض عليه وقيّده وسجنه بقلعة الجبل. وأقيم بدله في الأستادّارية الأمير علاء الدّين آقبغا الجوهري.

فلمّا زالت دولة يلبغا الناصري بقيام الأمير منطاش عليه، قبض على آقبغا الجوهري فيمن قبض عليه من الأمراء، وأفرج عن الأمير محمود في يوم الاثنين ثامن شهر رمضان، وألبسه قباء مطرّزا بذهب، وأنزله إلى داره. ثم قبض عليه، وسجن بخزانة الخاصّ في يوم الأحد سادس عشر ذي الحجّة، في عدّة من الأمراء والمماليك، عند عزم منطاش على السّفر لحرب برقوق عند خروجه من الكرك ومسيره إلى دمشق. فكانت جملة ما حمله الأمير محمود من الذّهب العين للأمير يلبغا الناصري وللأمير منطاش، ثمانية وخمسين قنطارا من الذّهب المصري، منها ثمانية عشر قنطارا في ليلة واحدة.

فلم يزل في الاعتقال إلى أن خرج المماليك مع الأمير بوطا، في ليلة الخميس ثاني صفر سنة اثنتين وتسعين وسبع مائة، فخرج معهم، وأقام بمنزله إلى أن عاد الملك الظّاهر برقوق إلى المملكة في رابع عشر صفر، فخلع عليه، واستقرّ أستادّار السّلطان على عادته في يوم الاثنين تاسع عشرين جمادى الأولى من السنة المذكورة عوضا عن الأمير قرقماس الطشتمري بعد وفاته. ثم خلع على ولده الأمير ناصر الدّين محمد بن محمود في يوم الخميس ثاني عشرين صفر سنة أربع وتسعين وسبع مائة، واستقرّ نائب السّلطنة بثغر الإسكندرية عوضا عن الأمير ألطنبغا المعلم، فقويت حرمة الأمير محمود ونفذت كلمته إلى يوم الاثنين حادي عشر رجب من السنة المذكورة. فثار عليه المماليك السّلطانية بسبب تأخّر كسوتهم، ورموه من أعلى القلعة بالحجارة،/ وأحاطوا به وضربوه يريدون قتله، لولا أنّ اللّه أغاثه بوصول الخبر إلى الأمير الكبير أيتمش - وكان يسكن قريبا من القلعة - فركب بنفسه وساق حتى أدركه، وفرّق عنه المماليك وسار به إلى منزله حتى سكنت الفتنة، ثم شيّعه إلى داره.

فكانت هذه الواقعة مبدأ انحلال أمره؛ فإنّ السّلطان صرفه عن الأستادّارية وولّى الأمير الوزير ركن الدّين عمر بن قايماز في يوم الخميس رابع عشره، وخلع على الأمير محمود قباء بطرز ذهب