للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عبد السّلام بن جميل التّونسي المالكي (١)، ودرسا للحنفية درّس فيه (a) (٢)، وجعل فيها خزانة كتب، وجعل عليها وقفا ببلاد الشّام. وهي اليوم بيد قضاة الحنفيّة يتولّون نظرها، وأمرها متلاش، وهي من المدارس الحسنة.

منكوتمر (٤)

هو أحد مماليك الملك المنصور حسام الدّين لاجين المنصوري، ترقّى في خدمته واختصّ به اختصاصا زائدا، إلى أن ولي مملكة مصر بعد كتبغا في سنة ستّ وتسعين وستّ مائة، فجعله أحد الأمراء بديار مصر، ثم خلع عليه خلع نيابة السّلطنة - عوضا عن الأمير شمس الدّين قراسنقر المنصوري - يوم الأربعاء النصف من ذي القعدة. فخرج سائر الأمراء في خدمته إلى دار النيابة، وباشر النيابة بتعاظم كثير، وأعطى المنصب حقّه من الحرمة الوافرة والمهابة التي تخرج عن الحدّ، وتصرّف في سائر أمور الدّولة من غير أن يعارضه السّلطان في شيء ألبتّة، وبلغت عبرة إقطاعه في السنة زيادة على مائة ألف دينار.

ولمّا عمل الملك المنصور الرّوك، المعروف ب «الرّوك الحسامي» (٣)، فوّض تفرقة مثالات إقطاعات الأجناد له، فجلس في شبّاك دار النيابة بقلعة الجبل، ووقف الحجّاب بين يديه، وأعطى لكلّ تقدمة مثالات، فلم يجسر أحد أن يتحدّث في زيادة ولا نقصان، خوفا من سوء خلقه وشدّة حمقه.

وبقي أيّاما في تفرقة المثالات، والناس على خوف شديد فإنّ أقلّ الإقطاعات كان في أيّام الملك المنصور قلاوون عشرة آلاف درهم في السنة، وأكثره ثلاثين ألف درهم، فرجع في الرّوك الحسامي أكثر إقطاعات الحلقة إلى مبلغ عشرين ألف درهم وما دونها. فشقّ ذلك على الأجناد وتقدّم طائفة منهم ورموا مثالاتهم التي فرّقت عليهم؛ لأنّ الواحد منهم وجد مثاله بحق النصف


(a) بياض في ميونخ وآياصوفيا.
(١) حاشية بخطّ المؤلّف: «مات ليلة الثلاثاء حادي عشرين صفر سنة خمس وسبع مائة ودفن بالقرافة، ومولده في سنة تسع وثلاثين وستّ مائة».
(٢) ذكر القرشي في ترجمة فخر الدّين أبي القاسم بن نصر اللّه بن فخر الدّولة بن يحيى الدّمشقي، المتوفى سنة ٧٠٨ هـ/ ١٣٠٨ م، أنّه درّس بالمنكوتمرية، وأنّه أوّل مدرّس بها بتولية واقفها. (الجواهر المضية ١١٤: ٤).
(٣) راجع ترجمة منكوتمر الحسامي، المتوفى سنة ٦٩٨ هـ/ ١٢٩٨ م، عند، الصفدي: أعيان العصر ٤٥٥: ٥ - ٤٥٦؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ١٠٠: ٨ - ١٠٥، ١٨٨، الدليل الشافي ٧٤٦: ٢.
(٤) انظر عنه فيما تقدم ٢٣٦: ١ - ٢٣٧.