للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان هذا الحوض قد تعطّل في عصرنا، فجدّده الأمير تتر، أحد الأمراء الكبار في الدّولة المؤيّديّة، في سنة إحدى وعشرين وثمان مائة.

[مناظر الكبش]

هذه المناظر آثارها الآن على جبل يشكر، بجوار الجامع الطّولوني، مشرفة على البركة التي تعرف اليوم ببركة قارون، عند الجسر الأعظم الفاصل بين بركة الفيل وبركة قارون (١). أنشأها الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب ابن الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيّوب في أعوام بضع وأربعين وستّ مائة.

وكان حينئذ ليس على بركة الفيل بناء، ولا في المواضع التي في برّ الخليج الغربي من قنطرة السّباع إلى المقس سوى البساتين. وكانت الأرض التي من صليبة جامع ابن طولون إلى باب زويلة بساتين، وكذلك الأرض التي من قناطر السّباع إلى باب مصر بجوار الكبارة ليس فيها إلاّ بساتين (a).

وهذه المناظر تشرف على ذلك كلّه من أعلى جبل يشكر، وترى باب زويلة والقاهرة، وترى باب مصر ومدينة مصر، وترى قلعة الرّوضة وجزيرة الرّوضة، وترى بحر النّيل الأعظم وبرّ الجيزة.

فكانت من أجلّ منتزهات مصر، وتأنّق في بنائها وسمّاها «الكبش» فعرفت بذلك إلى اليوم (٢).

وما زالت بعد الملك الصّالح من المنازل الملوكية، وبها أنزل الخليفة الحاكم بأمر اللّه أبو العبّاس أحمد العبّاسيّ لمّا وصل من بغداد إلى قلعة الجبل، وبايعه الملك الظّاهر ركن الدّين بيبرس بالخلافة، فأقام بها مدّة، ثم تحوّل منها إلى قلعة الجبل (٣). وسكن بمناظر الكبش أيضا الخليفة المستكفي باللّه أبو الرّبيع سليمان في أوّل خلافته.

وفيها أيضا كانت ملوك حماه من بني أيّوب تنزل عند قدومهم إلى الدّيار المصرية. وأوّل من نزل منهم فيها الملك المنصور (b)/ لمّا قدم على الملك الظّاهر بيبرس في المحرّم سنة ثلاث


(a) بولاق: البساتين.
(b) في آياصوفيا: بياض سطر ونصف.
(١) انظر عن الجسر الأعظم فيما يلي ٥٥٢.
(٢) المقريزي: السلوك ٣٤١: ١ - ٣٤٢.
(٣) التجيبي: مستفاد الرحلة والاغتراب ٣؛ ابن حبيب: تذكرة النبيه ١٩٥: ١؛ ابن إياس: بدائع الزهور ٤٧٢: ١/ ١.