هذا السّوق يسلك فيه من رأس سويقة أمير الجيوش إلى باب الجوّانية وباب النّصر ورحبة باب العيد. وهو مجاور لدرب الفرنجيّة، وفيه المدرسة الصّيرميّة، وباب زيادة الجامع الحاكمي. وكان أوّلا يعرف بالأمراء القرشيين بني البوري، ثم عرف بالجملون الصّغير، وبجملون ابن صيرم. وهو الأمير جمال الدّين شويخ ابن صيرم أحد الأمراء في أيّام الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيّوب، وإليه تنسب المدرسة الصّيرميّة، والخطّ المعروف خارج باب الفتوح ببستان ابن صيرم.
وأدركت هذا الجملون معمور الجانبين من أوّله إلى آخره بالحوانيت: ففي أوّله كثير من البزّازين الذين يبيعون ثياب الكتّان من الخام والأزرق وأنواع الطّرح وأصناف ثياب القطن، وينادى فيه على الثّياب بحراج حراج، وفيه عدّة من الخيّاطين، وعدّة من البابيّة المعدّين لغسل الثّياب وصقالها. وبآخره كثير من الضّببيين، بحيث لو أراد أحد أن يشتري منه ألف ضبّة في يوم لما عسر عليه ذلك.
فلمّا حدثت المحن خرب هذا السّوق بخلوّ حوانيته، وصار مقفرا من ساكنيه، ثم إنّه عمر بعد سنة عشر وثمان مائة، وفيه الآن نفر من البزّازين وقليل ممّن سواهم (١).
[سوق المحايريين]
هذا السّوق فيما بين الجامع الأقمر وبين جملون ابن صيرم. يسلك فيه من سوق حارة برجوان ومن سوق الشّمّاعين إلى الرّكن المخلّق ورحبة باب العيد، وهو من شوارع القاهرة المسلوكة، وفيه عدّة حوانيت لعمل المحاير التي يسافر فيها إلى الحجاز وغيره، وكان فيه تاجران قد تواصيا (a) على ما يشتريانه من المحاير المعروضة للبيع. ولهذا السّوق موسم عظيم عند سفر الحاج، وعند سفر النّاس إلى القدس.
(a) بولاق: تراضيا. (١) أضاف ابن أبي السرور البكري: «وهذا السوق الآن جار في وقف السلطان الملك الأشرف الغوري ومن جملة أوقافه» (قطف الأزهار ١٩٠ ظ).