للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورائح، ويهادي الأكابر والأعيان، مع رياسة كبيرة، ومعرفة عدة صنائع يتقنها، وكتابة جيّدة، وترسّل وعدّة فضائل. ومولده في محرّم سنة ثمان وستين وستّ مائة، وتوفي للنّصف من شوّال سنة إحدى وخمسين وسبع مائة وأخذ الإمرة بعده ابنه زين الدّين صالح ثم بعده ولداه أحمد ويحيى ابني صالح ثم بعدهما عثمان بن يحيى ثم بعده أخوه صالح بن يحيى.

ووجد أيضا بخطّه ما مثاله:

[من أخبار اليمن]

كان ابتداء دولة بني زياد أنّ محمّد بن إبراهيم بن عبد اللّه بن زياد سلّمه المأمون، مع عدّة من بني أميّة، إلى الفضل بن سهل ذي الرّياستين؛ فورد على المأمون اختلال اليمن، فأثنى الفضل على محمّد هذا، فبعثه المأمون أميرا على اليمن، فحجّ ومضى إلى اليمن، وفتح تهامة بعد محاربته العرب، وملك اليمن، وبنى مدينة زبيد في سنة ثلاث ومائتين، وبعث مولاه جعفرا بهديّة جليلة إلى المأمون في سنة خمس، وعاد إليه في سنة ستّ ومعه من جهة المأمون ألفا فارس.

فقوي ابن زياد وملك جميع اليمن، وقلّد جعفرا الجبال، وبنى بها مدينة المذيخرة. فظهرت كفاءة جعفر لكثرة دهائه، فقتله ابن زياد، ثم مات محمد بن زياد. فملك بعده ابنه إبراهيم ابن محمد، ومات سنة ثلاث وأربعين وثلاث مائة، وملك بعد إبراهيم ابنه زياد بن إبراهيم، ثم ملك بعده أخوه أبو الجيش إسحاق بن إبراهيم وطالت مدّته وملك من الشّرجة إلى عدن، وبلغ خراجه مائة ألف دينار في السّنة، وبلغت قبالات زبيد مائتا ألف دينار، وأسنّ ومات سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة، وترك طفلا اسمه زياد. فأقيم بعده، وكفلته أخته هند بنت إسحاق، وتولّى معها رشيد عبد أبي الجيش حتى مات.

فولي بعد رشيد عبده حسين بن سلامة - وكان عفيفا - فوزر لهند ولأخيها حتى ماتا.

ثم انتقل الملك إلى طفل من آل زياد، وقام بأمره عمّته وعبد لحسين بن سلامة اسمه مرجان، وكان لمرجان عبدان قد تغلّبا على أمره - يقال لأحدهما نفيس، وللآخر نجاح - فتنافسا على الوزارة، وكان نفيس عسوفا ونجاح رقيقا، وكان مرجان سيّدهم يميل إلى نفيس، وعمّة الطّفل تميل إلى نجاح، فشكا نفيس ذلك إلى مرجان، فقبض على الملك الطّفل إبراهيم وعلى عمّته تملّك، فبنى نفيس عليهما جدارا. فكان إبراهيم آخر ملوك اليمن من آل زياد، وكان القبض عليه وعلى عمّته سنة سبع وأربع مائة. فكانت مدّة بني زياد مائتي سنة وأربعا وستّين سنة.