قال المقريزيّ في مقدّمته أنّ ابن عديّ عندما أملى كتابه شحنه بكثرة الأسانيد فأحبّ أن يلخّص منه ما قيل في الرّواة على سبيل الإيجاز وحذف منه علل الحديث إلاّ إذا احتيج إليها وأضرب عن ذكر الأسانيد إلاّ أن تدعو الضّرورة إليها (١).
ويبدو أنّ المقريزي قد اختصر هذا الكتاب عندما كان يدرّس الحديث بمدرسة السّلطان حسن ثم استخدمه بعد ذلك عندما عهد إليه بتدريس الحديث في المدرسة المؤيّديّة.
[كتاب منسوب للمقريزي]
من بين الكتب المنسوبة في فهارس المخطوطات إلى المقريزي كتاب «جني الأزهار من الرّوض المعطار»(٢) الذي يوحي عنوانه أنّه اختصار لكتاب سابق يسمّي «الرّوض المعطار». و «الرّوض المعطار في خبر الأقطار» كتاب جغرافي ألّفه أبو عبد اللّه محمد بن عبد المنعم الصّنهاجي الحميري (٣) المتوفى تبعا لابن حجر العسقلاني سنة ٧٢٧ هـ/ ١٣٢٦ م (٤).
ورغم أنّ أحدا ممّن ترجم للمقريزي لم ينسب إليه هذا الكتاب، فإنّ مقدّمة هذا المختصر تحتوي على مغالطات كثيرة، فهي تشير إلى أنّ الكتاب المختصر عنوانه «الرّوض المعطار في عجائب الأقطار» ولا تذكر اسم مؤلّفه، ومقابلة هذا النّصّ بكتاب «الرّوض المعطار» لابن عبد المنعم الحميري تدلّ على أنّه لا علاقة له من قريب أو بعيد بهذا الكتاب. وقد أثبت ذلك المستشرق فولرز Vollers في مقال نشره سنة ١٨٩٣ ودلّل على أنّ الكتاب مختصر لكتاب «نزهة المشتاق في اختراق الآفاق» للإدريسي (٥). وذكر بلوشيه Blochet الشيء نفسه عند وصفه لنسخة «جني الأزهار» المحفوظة في باريس (٦). ثم أثبت جاستون فييت Gaston Wiet الأمر بصفة نهائية عندما نشر أسماء البلاد المصرية الواردة في «جني الأزهار» مع ترجمة فرنسية لها (٧).
(١) لطفي عبد البديع: فهرست المخطوطات المصورة (التاريخ) ٢٣٨: ١/ ٢. (٢) انظر نسخة دار الكتب المصرية رقم ٤٥٨ جغرافية. (٣) نشر ليفي بروفنسال قسما من الكتاب مع ترجمة فرنسية بعنوان «صفة جزيرة الأندلس»، القاهرة ١٩٣٧، ثم نشر الكتاب كاملا الدكتور إحسان عبّاس وصدر عن مكتبة لبنان في بيروت سنة ١٩٧٥. (٤) ابن حجر: الدرر الكامنة ١٥١: ٤. (٥) Vollers، K.، «Note sur un manuscrit arabe attribue a? Makri? zi?»، Bull.Soc.Khed.de Geogr. du Caire، III? serie (١٨٩٨) pp. ١٣١ - ١٣٩. (٦) Blochet، E.، Catalogue des manuscrits arabes des nouvelles acquisitions (١٨٨٤ - ١٩٢٤)، Paris ١٩٢٥ p. ١٤٠. (٧) Wiet، G.، «Un resume d'Idri? si?»، BSRGE XX (١٩٣٩) pp. ١٦١ - ٢٠١.