ومات النّاصر محمد عن أربعة آلاف وثمان مائة فرس، وترك زيادة على خمسة آلاف من الهجن الأصائل والنّوق المهريات والقرشيّات سوى أتباعها، وبطل بعده السّباق (١).
فلمّا كانت الأيّام الظّاهرية برقوق عني بالخيل أيضا، ومات عن سبعة آلاف فرس وخمسة عشر ألف جمل.
[ديوان الإنشاء]
وكان بجوار قاعة الصّاحب بقلعة الجبل ديوان الإنشاء (٢)، يجلس فيه كاتب السّرّ وعنده موقّعو الدّرج وموقّعو الدّست، في أيّام المواكب طول النّهار، ويحمل إليهم من المطبخ السّلطاني المطاعم.
وكانت الكتب الواردة وتعليق ما يكتب من الباب السّلطاني، موضوعه بهذه القاعة. وأنا جلست بها عند القاضي بدر الدّين محمّد بن فضل اللّه العمري، أيّام مباشرتي التّوقيع السّلطاني، إلى نحو التسعين (a) والسبع مائة.
فلمّا زالت/ الدّولة الظّاهرية برقوق ثم عادت، اختلّت أمور كثيرة، منها أمر قاعة الإنشاء بالقلعة وهجرت، وأخذ ما كان فيها من الأوراق وبيعت بالقنطار (٣)، ونسي رسمها.
و «كتابة السّرّ» رتبة قديمة ولها أصل في السّنّة، فقد خرّج أبو بكر عبد اللّه بن أبي داود سليمان ابن الأشعث السّجستاني في «كتاب المصاحف»، من حديث الأعمش، عن ثابت بن عبيد، عن زيد بن ثابت، قال: قال لي رسول اللّه ﷺ: «[أتحسن السّريانية ف] (b) إنّها تأتيني كتب لا أحبّ
(a) بولاق: السبعين. (b) زيادة من كتاب المصاحف. (١) هذا النّصّ المطوّل الذي أورده المقريزي كذلك في السلوك ٥٢٥: ٢ - ٥٢٧، يوجد عند أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ١٦٧: ٩ - ١٧٠ دون تحديد للمصدر. (٢) ذكرت اعتمادا على بعض النّصوص التي أوردها المقريزي وأبو المحاسن، أنّ قاعة الصّاحب كانت مجاورة لدار النّيابة التي كانت تقع تجاه الإيوان بالجانب الآخر من باب القلّة، أي بالجانب الذي يوجد داخل سور صلاح الدّين (فيما تقدم ٧٢٢ هـ ٢)، وبما أنّ ديوان الإنشاء حسب وصف المقريزي كان مجاورا لقاعة الصّاحب فيجب أن يكون موضعه مجاورا أيضا لدار النّيابة تجاه الإيوان. (٣) هذا نصّ هامّ يدلّ على كيفية ضياع الوثائق الأرشيفية، وقد استفاد المقريزي نفسه من هذه الملابسات واقتنى بعض الأوراق التي خرجت من ديوان الإنشاء المملوكي بالقلعة في نهاية القرن الثامن الهجري/ الرابع -