للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيستفتح قرّاء الحضرة بالقراءة، ويكونون قياما في الصّدر وجوههم للحاضرين، وظهورهم إلى حائط المنظرة. فيقدّم خطيب الجامع الأنور - المعروف بجامع الحاكم - فيخطب كما يخطب فوق المنبر إلى أن يصل إلى ذكر النّبيّ فيقول: وإنّ هذا يوم مولده إلى ما منّ اللّه تعالى (a) به على ملّة الإسلام من رسالته، ثم يختم كلامه بالدّعاء للخليفة؛ ثم يؤخّر، ويقدّم خطيب الجامع الأزهر فيخطب كذلك، ثم خطيب الجامع الأقمر فيخطب كذلك. والقرّاء في خلال خطابة الخطباء يقرأون. فإذا انتهت خطابة الخطباء، أخرج الأستاذ رأسه ويده في كمّه من طاقته، وردّ على الجماعة السّلام، ثم تغلق الطّاقتان فتنفضّ النّاس. ويجري أمر الموالد الخمسة الباقية على هذا النّظام إلى حين فراغها على عدّتها من غير زيادة ولا نقص (١). انتهى.

وهذا الباب صار بعد زوال الدّولة الفاطمية يقابل دار الأمير فخر الدّين جهاركس الصّلاحي، التي عرفت بعد ذلك بالدّار القطبيّة، وهي الآن المارستان المنصوري، وصار موضع هذا الباب محراب المدرسة الظّاهرية الركنية بيبرس (b).

[باب البحر]

هو من إنشاء الحاكم بأمر اللّه أبي عليّ منصور، وهدم في أيّام الملك الظّاهر ركن الدّين بيبرس البندقداري، وشوهد فيه أمر عجيب. قال جامع «السّيرة الظّاهريّة»: لمّا كان يوم عاشوراء - يعني من سنة اثنين وسبعين وست مائة - رسم بنقض علوّ أحد أبواب القصر المسمّى بباب البحر، قبالة المدرسة دار الحديث الكاملية، لأجل نقل عمد فيه لبعض العمائر السّلطانية، فظهر صندوق في حائط عليه. فللوقت أحضرت الشّهود وجماعة كثيرة، وفتح الصّندوق فوجد فيه صورة من نحاس أصفر مفرّغ على كرسي شكل الهرم ارتفاعه قدر شبر، له أربعة أرجل تحمل الكرسي، والصّنم جالس عليه (c) متورّكا، وله يدان مرفوعتان ارتفاعا جيدا، يحمل صفيحة (d) دورها قدر ثلاثة أشبار. وفي هذه الصّفيحة (e) أشكال ناتئة (f)، وفي الوسط صورة رأس بغير جسد، ودائره مكتوب كتابة بالقبطي وبالقلفطيريات، وإلى جانبها في الصّفحية (e) شكل له قرنان يشبه شكل


(a) ساقطة من بولاق.
(b) بولاق: مدرسة الظاهر ركن الدين بيبرس.
(c) بولاق: شبه.
(d) بولاق: صحيفة.
(e) بولاق: الصحيفة.
(f) بولاق: نابتة.
(١) ابن الطوير: نزهة المقلتين ٢١٧ - ٢١٩.