حلوى عشرة أرطال، ولهما رسوم تحمل إليهما بعد ذلك من الأسمطة لبيوتهما، ودنانير وافرة على حكم الهبة. وكان أحدهما أسر بعسقلان في تجريدة جرّد إليها، وأقام مدّة في الأسر. فاتّفق أنّه كان عندهم عجل سمين فيه عدّة قناطير لحم، فقال له الذي أسره وهو يلاعبه: إن أكلت هذا العجل أعتقتك. ثم ذبحه وسوّى لحمه وأطعمه حتى أتى على جميعه، فوفّى له وأعتقه، فقدم على أهله بالقاهرة، ورتّب يأكل على السّماط (١).
[الإيوان الكبير]
قال القاضي الرئيس محيي الدّين عبد اللّه بن عبد الظّاهر الرّوحي الكاتب في كتاب «الرّوضة البهيّة الزّاهرة في خطط المعزّيّة القاهرة»: الإيوان الكبير بناه العزيز باللّه أبو منصور نزار بن المعزّ لدين اللّه معدّ في سنة تسع وستين وثلاث مائة (٢)، انتهى.
وكان الخلفاء أوّلا يجلسون به في يومي الاثنين والخميس، إلى أن نقل الخليفة الآمر بأحكام اللّه الجلوس منه في اليومين المذكورين إلى قاعة الذّهب كما تقدّم. وبصدر هذا الإيوان كان الشّبّاك الذي يجلس فيه الخليفة، وكان يعلو هذا الشّبّاك قبّة.
وفي هذا الإيوان كان يمدّ سماط الفطرة بكرة يوم عيد الفطر كما تقدّم (٣)، وبه أيضا كان يعمل الاجتماع والخطبة في يوم عيد الغدير. وكان بجانب هذا الإيوان الدّواوين. وكان بهذا الإيوان ضلعا سمكة إذا أقيما واريا الفارس بفرسه، ولم يزالا حتى بعثهما السّلطان صلاح الدّين يوسف إلى بغداد في هديّة.
عيد الغدير - اعلم أنّ عيد الغدير لم يكن عيدا مشروعا، ولا عمله أحد من سالف الأمّة المقتدى بهم. وأوّل ما عرف في الإسلام بالعراق أيام معزّ الدّولة عليّ بن بويه، فإنّه أحدثه في سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة، فاتّخذه الشّيعة من حينئذ عيدا (٤).
وأصلهم فيه ما خرّجه الإمام أحمد في «مسنده الكبير»، من حديث البراء بن عازب ﵁ قال: كنّا مع رسول اللّه ﷺ في سفر لنا، فنزلنا بغدير خمّ، ونودي «الصّلاة جامعة»،
(١) انظر فيما يلي ص ٤٥٤ - ٤٥٥. (٢) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ١٦. (٣) المقريزي: مسودة المواعظ ٦٩، ٨٢. وعن الإيوان راجع مقدمة ابن الطوير: نزهة المقلتين ٩٨ *- ١٠٠ *. (٤) نفسه ٨٣، وانظر عن غدير خمّ Veccia Vaglieri، L.، El ٢ art.Ghadir Khumm II، pp. ١٠١٥ - ١٧.