وقد عمل بدار الفطرة قصران حلوى (a)، في كلّ واحد سبعة عشر قنطارا، وحملا: فمنهما واحد يمضى به من طريق قصر الشّوك إلى باب الذّهب (١)، والآخر يشقّ به بين القصرين يحملهما العتّالون، فينصبان أوّل السّماط وآخره، وهما شكل مليح، مدهونان بأوراق الذّهب، وفيهما سخوط ناتئة لأنّها مسبوكة في قوالب لوحا لوحا. فإذا عبر الخليفة راكبا، ونزل على السّرير الذي عليه المدوّرة الفضّة وجلس، قام على رأسه أربعة من كبار الأستاذين المحنّكين، وأربعة من خواصّ الفرّاشين. ثم يستدعي الوزير فيطلع إليه ويجلس عن يمينه، ويستدعي الأمراء المطوّقين ومن يليهم من الأمراء دونهم، فيجلسون على السّماط كقيامهم بين يديه، فيأكل من أراد من غير إلزام، فإنّ في الحاضرين من لا يعتقد الفطر في ذلك اليوم. فيستولي على ذلك المعمول (b) قلّة الأكل، وثقل الرّسوم (b)، ويباح فلا يبقى منه إلاّ السّماط فقط، فيعمّ أهل القاهرة ومصر من ذلك نصيب وافر.
فإذا انقضى ذلك عند صلاة الظّهر، انفضّ النّاس، وخرج الوزير إلى داره مخدوما بالجماعة الحاضرين، وقد عمل سماطا لأهله وحواشيه ومن يعزّ عليه من الأمراء (c)، (d) لا يلحق بأيسر يسير من سماط الخليفة (d).
وعلى هذا العمل يكون سماط عيد النّحر أوّل يوم منه، وركوبه إلى المصلّى كما ذكرنا، ولا يخرج عن هذا المنوال، ولا ينقص عن هذا المثال، ويكون النّاس كلّهم مفطرين، ولا يفوت أحدا منهم شيء كما ذكرنا في عيد الفطر.
قال: ومبلغ ما ينفق في سماطي الفطر والأضحى أربعة آلاف دينار (٢).
وكان يجلس على أسمطة الأعياد في كلّ سنة رجلان من الأجناد، يقال لأحدهما: ابن فائز، وللآخر الدّيلمي، يأكل كلّ واحد منهما خروفا مشويّا وعشر دجاجات محلاّة وجام
(a) بولاق: من حلوى. (b) (b-b) بولاق: الآكلون، وينقل إلى دار أرباب الرسوم، آياصوفيا: الأكل وينقل إلى أرباب الرسوم، والمثبت من مسودة المواعظ. (c) ساقطة من بولاق. (d) (d-d) ساقطة من مسودة المواعظ. (١) طريق قصر الشوك إلى باب الذهب. أي من قصر الشوك في الواجهة الشرقية للقصر الكبير إلى رحبة باب العيد ثم إلى الركن المخلّق ثم إلى باب الذهب في الواجهة الغربية للقصر، مرورا بباب البحر. (٢) ابن الطوير: نزهة المقلتين ٢١٢ - ٢١٦؛ المقريزي: المسودة ٧٧ - ٨١؛ القلقشندي: صبح ٥٢٣: ٣ - ٥٢٤، وقارن أبا المحاسن: النجوم ٩٧: ٤ - ٩٨؛ ناصر خسرو: سفرنامه ١٠٦ - ١٠٧.