للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخليفة المستعين باللّه العبّاسي بن محمد في سنة خمس عشرة وثمان مائة - وكان نظر الجامع الجديد بيده وبيد أبيه الخليفة المتوكّل على اللّه محمد - فقصد بعض سفهاء العامّة نكايته (a) بتعطيل هذا السّوق، فاستأجر قيساريّة العصفر، ونقل سوق العنبر إليها، وصار معطّلا نحو سنتين، ثم عاد أهل العنبر إلى هذا السّوق على عادتهم في سنة ثمان عشرة وثمان مائة.

سوق الخرّاطين

هذا السّوق يسلك فيه من سوق المهامزييّن إلى الجامع الأزهر وغيره، وكان قديما يعرف بعقبة الصّبّاغين، ثم عرف بسوق القشّاشين، وكان فيما بين دار الضّرب والوكالة الآمريّة وبين المارستان، ثم عرف الآن بسوق الخرّاطين. وكان سوقا كبيرا معمور الجانبين بالحوانيت المعدّة لبيع المهد الذي يربّى فيه الأطفال، وحوانيت الخرّاطين، وحوانيت صنّاع السكاكين وصنّاع الدّوى، يشتمل على نحو الخمسين حانوتا.

فلمّا حدثت المحن تلاشى هذا السّوق، واغتصب الأمير جمال الدّين يوسف الأستادّار منه عدّة حوانيت، من أوّله إلى الحمّام التي تعرف بحمّام الخرّاطين، وشرع في عمارتها. فعوجل بالقتل قبل إتمامها، وقبض عليها الملك النّاصر فرج فيما أحاط به من أمواله، وأدخلها في الدّيوان.

فقام بعمارة الحوانيت التي تجاه قيساريّة العصفر من درب الشّمسي إلى أوّل الخرّاطين، القاضي الرّئيس تقيّ الدّين عبد الوهّاب بن بوشاكر (b). فلمّا كملت جعلها الملك النّاصر فيما هو موقوف على تربته التي أنشأها على قبر أبيه الملك الظّاهر برقوق خارج باب النّصر، وأفرد الحمّام وبعض الحوانيت القديمة للمدرسة التي أنشأها الأمير جمال الدّين يوسف الأستادّار برحبة باب العيد، وما يقابل هذه الحوانيت هو وما فوقه وقف على المدرسة القراسنقريّة وغيرها، وهو متخرّب متهدّم.

[سوق الجملون الكبير]

هذا السّوق بوسط سوق الشّرابشييّن، يتوصّل منه إلى البندقانييّن وإلى حارة الجوذريّة وغيرها، أنشئ فيه حوانيت سكنها البزّازون (١). وقفه السّلطان الملك النّاصر محمد بن قلاوون


(a) بولاق: يكاتبه.
(b) بولاق: أبي شاكر.
(١) سوق الجملون الكبير: يدلّ على موضعه الآن حارة الجملون الواقعة في الحد البحري لجامع السلطان الغوري تجاه قبة -