للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: بل كانت هي ودار إلى جانبها لنافع بن عبد قيس الفهري، فأخذها منه قيس بن سعد، وعوّضه دارا بزقاق القناديل. ثم عرفت بدار الفلفل لأنّ أسامة بن زيد التّنوخي، صاحب خراج مصر، ابتاع من موسى بن وردان فلفلا بعشرين ألف دينار - كان كتب فيه الوليد بن عبد الملك ليهديه إلى صاحب الرّوم - فخزنه فيها، فشكا ذلك إلى عمر بن عبد العزيز حين ولي (a) الخلافة، فكتب أن تدفع إليه، ثم صارت شرطة ودار الصّرف.

فلمّا فرغ عيسى بن يزيد الجلودي من زيادة عبد اللّه بن طاهر في الجامع، بنى شرطة في سنة ثلاث عشرة ومائتين في خلافة المأمون، ونقش في لوح كبير نصبه على باب الجامع الذي يدخل منه إلى الشّرطة ما نصّه:

«بركة من اللّه لعبده عبد اللّه الإمام المأمون أمير المؤمنين، أمر بإقامة هذه الدّار الهاشميّة المباركة، على يد/ عيسى بن يزيد الجلودي مولى أمير المؤمنين، سنة ثلاث عشرة ومائتين». (١)

ولم يزل هذا اللّوح على باب الشّرطة إلى صفر سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة، فقلعه يانس العزيزي، وصارت حبسا يعرف بالمعونة إلى أن ملك السّلطان صلاح الدّين يوسف بن أيّوب، فجعله مدرسة، وهي التي تعرف اليوم بالشّريفيّة (٢).

حبس الصّيّار

هذا الحبس كان بمصر يحبس فيه الولاة بعدما عمل حبس المعونة مدرسة. وكان بأوّل الزّقاق الذي فيه هذا الحبس حانوت يسكنه شخص يقال له منصور الطّويل، ويبيع فيه أصناف السّواقة (b)، ويعرف هذا الرّجل بالصّيّار من أجل أنّه كانت له في هذا الزّقاق قاعة يخزّن فيها أنواع الصّير المعروف بالملوحة، فقيل لهذا الحبس «حبس الصّيّار» (٣).

ونشأ لمنصور الصّيّار هذا ولد عرف بين الشّهود بمصر بشرف الدّين بن منصور الطّويل.

فلمّا أحدث الوزير شرف الدّين هبة اللّه بن صاعد الفائزي المظالم في سلطنة الملك المعزّ


(a) بولاق: تولى.
(b) بولاق: السوقة.
(١) Wiet، G.RCEAT، B. ١٤٨، n. ١٨٩.
(٢) انظر عدد هذه المدرسة: ابن دقماق: الانتصار ٩٣: ٤.
(٣) انظر فيما تقدم ٩٠: ٢.