للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر هلاك أموال أهل مصر]

قال اللّه ﷿: ﴿وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي اَلْحَياةِ اَلدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اِطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاُشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتّى يَرَوُا اَلْعَذابَ اَلْأَلِيمَ * * قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما﴾ [الآيتان ٨٨، ٨٩ سورة يونس]. هذا دعاء من موسى على فرعون وقومه من أهل مصر لكفرهم، أن يهلك اللّه أموالهم. قال الزّجّاج: طمس الشّيء إذهابه عن صورته.

عن عبد اللّه بن عبّاس وعن محمد بن كعب القرظي، أنّهما قالا:

صارت أموال أهل مصر ودراهمهم حجارة منقوشة كهيئتها، صحاحا وأثلاثا وأنصافا، فلم يبق معدن إلاّ طمس اللّه عليه، فلم ينتفع به أحد بعدهم.

وقال قتادة: بلغنا أنّ أموالهم وزروعهم صارت حجارة.

وقال مجاهد وعطيّة: أهلكها اللّه تعالى حتى لا ترى، يقال: عين مطموسة أي ذاهبة، وطمس الموضع إذا عفا ودرس.

وقال ابن زيد: صارت دنانيرهم ودراهمهم وفرشهم وكلّ شيء لهم حجارة.

وقال محمد بن كعب: وكان الرجل منهم يكون مع أهله وفراشه وقد صارا حجرين. قال:

وقد سألني عمر بن عبد العزيز، فذكرت ذلك، فدعا بخريطة أصيبت بمصر، فأخرج منها الفواكه والدّراهم والدنانير وإنّها لحجارة.

وقال محمّد بن شهاب الزّهريّ: دخلت على عمر بن عبد العزيز، فقال: يا غلام، ائتني بالخريطة؛ فجاء بخريطة نثر ما فيها، فإذا فيهم دراهم ودنانير وتمر وجوز وعدس وفول، فقال:

كل يا ابن شهاب؛ فأهويت إليه (a)، فإذا هو حجارة، فقلت: ما هذا يا أمير المؤمنين؟ قال: هذا ممّا أصاب عبد العزيز بن مروان في مصر إذ كان عليها واليا، وهو ممّا طمس اللّه عليه من أموالهم.

وقال المضارب بن عبد اللّه الشّامي: أخبرني من رأى النّخلة بمصر مصروعة وإنّها لحجر ولقد رأيت ناسا كثيرا قياما وقعودا في أعمالهم، لو رأيتهم ما شككت فيهم قبل أن تدنو منهم أنّهم أناس، وإنّهم لحجارة. ولقد رأيت الرجل من رقيقهم وإنّه لحارث على ثورين وإنّه وثوريه لحجارة.


(a) ساقطة من بولاق.