الحاكمة، والتي يمارس فيها التّصوّف السّنّي، وتقام فيها كذلك الصّلوات مثل المساجد، وتوفّر في الوقت نفسه الطّعام والإقامة للفقراء مثل الرّبط (١).
***
وهكذا، فإنّ المدرسة والخانكاه - على عكس المساجد الجامعة ومساجد الصّلوات الخمس - نمط من المؤسّسات الدّينية الإسلامية لم تنشأ في الأساس لاستخدام جمهور المسلمين، وإنّما ليتعامل معها طوائف معيّنة هم الطّلبة والمدرّسون والمتصوّفة؛ لذلك جمع تخطيطها بين عمارة المنشآت الدّينية من ناحية، وعمارة المنشآت المدنية من ناحية أخرى.
فاستمدّت المدارس والخوانك من المساجد الجامعة التّوجّه نحو الكعبة ووجود المحراب ثم وجود المنبر بعد فترة وكذلك وجود المئذنة؛ واستمدّت من العمارة المدنيّة اشتمالها على وحدات سكنية ووجود مطابخ وحمّامات. وفي البداية كانت الوحدات السّكنية متداخلة في نسيج المنشأة مثلما هو الحال مع الخانكاه الرّكنية بيبرس والمدرسة النّاصرية حسن، ولكن مع الوقت انفصلت عنها، ممّا أدّى إلى ضياع كلّ أثر لهذه الوحدات الآن، خاصّة ما كان ملحقا منها بالمؤسّسات التي أنشئت داخل حدود المدينة الفاطمية (مدرسة قلاوون ومدرسة الظّاهر برقوق)؛ بينما فصلت المدارس التي أقيمت في نهاية القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي تماما بين مبنى المدرسة ووحدات الإعاشة مثل حال مدرسة أمّ السّلطان شعبان بالتّبّانة ومدرسة ألجاي اليوسفي بسوق السّلاح.
المصاحف المملوكيّة
تدلّ الكتابات الكثيرة الموجودة على مختلف العمائر المملوكية: الجوامع والمدارس والخوانك والدّور والحمّامات، وكذلك المصاحف الضّخمة التي وصلت إلينا من العصر المملوكي والتي كانت موقوفة على هذه الجوامع والمدارس والخوانك، على أنّ القاهرة حلّت محلّ بغداد في فنّ الخطّ العربي وظلّت كذلك حتى العقود الأولى من القرن العاشر الهجري/ السّادس عشر الميلادي، يقول ابن خلدون، في نهاية القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي:
(١) Fernandes، L.، «Some Aspects of the Zawiya in Egypt at the Eve of the Ottoman Conquest»، An.Isl.XIX (١٩٨٣)، pp. ١٢، ١٤; Little، L ٢ D.P.، op.cit.، p. ٩٥.