للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسوسة منه. فإن اتّفق أنّه صافح أحدا، أو أمسك رقعة بيده من غير خريطة، لا يمسّ ثوبه ولا بدنه حتى يغسلها، فإن مسّ ثوبه غسل الثّوب. وكان الأستاذون يعبثون به، ويرمون في بساط الخليفة الحافظ العنب، فإذا مشى عليه وانفجر، ووصل ماؤه إلى رجليه، سبّهم وحرد، فيضحك الخليفة منه (a) ولا يؤاخذه (١).

وعمل مرّة الوزير رضوان بن ولخشي دواة حليتها ألف دينار مرصّعة، فدخل عليه شهاب الدّولة درّي الصّغير هذا، وقد أحضرت الدّواة المذكورة، فقال له: يا مولانا أحسن ما مدّ من (b) هذه الدّواة، ووقّع على هذه، فيكون ذلك زكاتها، إذ للّه فيه رضا ولنبيّه. وناوله رقعة الشّريف القاضي سناء الملك أسعد الجوّاني النحوي، يطلب فيها راتبا لابنه الشّريف أبي عبد اللّه محمد في الشهر ثلاثة دنانير، فوقّع عليها. فلمّا كان في الليل رأى في نومه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وهو يقول: جزاك اللّه خيرا على فعلك اليوم.

مسجد ستّ غزال

هذا المسجد كان في القرافة الكبرى بجوار تربة النعمان (٢)، بنته ستّ غزال في سنة ستّ وثلاثين وخمس مائة. وكانت غزال هذه صاحبة دواة الخليفة، لا تعرف شيئا إلاّ أحكام الدّوي والليق ومسح الأقلام والدّواة، وكان برسم خدمتها الأستاذ مأمون الدّولة الطويل.

[مسجد رياض]

وقّافة (c) الحافظ لدين اللّه، كانت تقف بين يديه بالقصر. وكان بجوار المصنعة الصّغرى الطولونية التي يجيء الماء إليها من عفصة الكبرى، وكان فيه حوش به عدّة بيوت للنساء المنقطعات.


(a) منه، ساقطة من بولاق.
(b) أحسن من مداد.
(c) بولاق: هو لوقافة.
(١) فيما تقدم ٢٦٩: ٣ - ٢٧١.
(٢) أشار المقريزي عرضا إلى تربة النعمان بالقرافة الكبرى، فيما تقدم ٥٠٤: ١، وفيما يلي ٨٦٧.