فإنّ الملك النّاصر محمد بن قلاوون، لمّا عمّر ميدان المهارى المجاور لقناطر السّباع الآن، أنشأ زربيّة (a) في قبلي الجامع الطّيبرسي (١)،/ وحفر لأجل بناء هذه الزّربيّة (a) البركة المعروفة الآن بالبركة النّاصريّة (٢) حتى استعمل طينها في البناء، وأنشأ فوق هذه الزّربيّة (a) دار وكالة وربعين عظيمين:
جعل أحدهما وقفا على الخانقاه التي أنشأها بناحية سرياقوس، وأنعم بالآخر على الأمير بكتمر السّاقي، فأنشأ الأمير بكتمر بجواره حمّامين: إحداهما برسم الرّجال، والأخرى للنّساء (b).
فكثر بناء النّاس فيما هنالك (c) حتى اتّصلت العمارة من بحريّ الجامع الطّيبرسي بزربيّة (a) قوصون، وصار هنالك (c) أزقّة وشوارع ودروب ومساكن من وراء المناظر المطلّة على النّيل تتّصل بالخليج، وأكثر النّاس من البناء في طريق الميدان السّلطاني، فصارت العمائر منتظمة من قناطر السّباع إلى الميدان من جهاته كلّها، وتنافس النّاس في تلك الأماكن، وتغالوا في أجرها (٣).
منشأة الكتّاب (d)
وعمّر المكين إبراهيم بن قروينة (e) ناظر الجيش (٤) في قبلي زربيّة (a) السّلطان - حيث كان بستان الخشّاب - دارا جليلة، وعمّر أيضا صلاح الدّين الكحّال، والصّاحب أمين الدّين عبد اللّه بن الغنّام، وعدّة من الكتّاب، فقيل لهذه الخطّة «منشأة الكتّاب»(٥)؛ وأنشأ فيها
(a) بولاق: زريبة، الزربية. (b) بولاق: برسم النساء. (c) بولاق: هناك. (d) إضافة من مسودة الخطط. (e) بولاق: قزوينة. ويدلّ على موقع «زربيّة قوصون» الآن الأرض التي عليها المتحف المصري، والتي يحدها من الشمال ميدان عبد المنعم رياض ومن الشرق شارع مريت. (١) المقريزي: السلوك ٢١٠: ٢. (٢) فيما يلي ٥٤٩ - ٥٥٠. (٣) المقريزي: مسودة الخطط ٦٠ و- ظ. (٤) القاضي الكبير جمال الدّين إبراهيم بن قروينة الملقب جمال الكفاة، المتوفى سنة ٧٤٥ هـ/ ١٣٤٤ م. (الصفدي: أعيان العصر ١١٣: ١ - ١١٤، الوافي بالوفيات ١٨٠: ٦ - ١٨٢؛ المقريزي: السلوك ٦٧٥: ٢، المقفى الكبير ٣٢٨: ١ - ٣٣١؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٨٢: ١ - ٨٣؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ١١١: ١٠، المنهل الصافي ١٩٣: ١ - ١٩٦. (٥) كانت منشاة الكتّاب (الكتبة) تقع خلف زربيّة -