فتحيّل عند ذلك الرجلان الفزاريان بحيل، وفتلا حبالا وأشراكا شباكا من ليف النّخل، وقيّدا تلك الإبل الوحشية، وفتلا خوصا، وضفّرا قفافا من الخوص لزادهما وملآها تمرا، وزلّلا من تلك الإبل الوحشية مكان رواحلهما، عوضا عنها، وركباها متوجّهين نحو الشّرق، وحملا معهما من الجريد - أعني جريد النّخل - ما يعرفان به الطريق التي بينهما وبينها، ويجعلان ذلك أمارات لمرورهما إليها.
فكانا كلّما مرّا على شرف، جعلا عليه جريدتين علما، حتى وصلا إلى الجبل الغربي من مصر، فنزلا إلى البهنسا، فعرفا قومهما، وتحمّلا بأهاليهما.
فلمّا علوا سطح الجبل الغربي، وجدا كلّ ما فرّقاه من جريد النّخل على رؤوس الآكام مجتمعا في مكان واحد في أعلى الجبل، فرجعا عند ذلك لأهاليهما ومن معهم إلى أرض البهنسا.
وهذا ما حدّثني به، واللّه أعلم.
ذكر مدينة الأشمونين (١)
كانت من عظائم مدائن (a) الصّعيد، يقال إنّها من بناء أشمون بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح. وقال/ ابن وصيف شاه: كان أشمون أعدل ولد أبيه، وأرغبهم في صنعة تبقى ويبقى ذكرها، وهو الذي بنى المجالس المصفّحة بالزّجاج الملوّن وسط النّيل.
وتقول القبط: إنّه بنى سربا تحت الأرض، من الأشمونين إلى أنصنا تحت النّيل، وقيل إنّه حفره وعمله لبناته لأنّهنّ كنّ يمضين إلى هيكل الشّمس. وكان هذا السّرب مبلّط الأرض والحيطان والسّقف بالزّجاج الثّخين الملوّن.
(a) بولاق: أعظم مدن. (١) الأشمونين. من المدن المصرية القديمة، عرفت في العصرين اليوناني والروماني باسم، Hermopolis Magna كانت تقع غربي النيل بصعيد مصر تجاه مدينة أنصنا التي حلّ محلّها الآن قرية الشيخ عبادة الواقعة على الشاطئ الشرقي للنيل. وهي الآن إحدى مدن مركز ملّوي الواقعة في محافظة المنيا بالوجه القبلي (الإدريسي: نزهة المشتاق ١٢٥؛ ياقوت: معجم البلدان ٢٠٠: ١؛ ابن دقماق: الانتصار ١٥: ٥؛ علي مبارك: الخطط التوفيقية ٧٤: ٨ - ٧٦؛ محمد رمزي: القاموس الجغرافي ٥٩: ٤/ ٢ - ٦٠؛ وتعليقاته على النجوم الزاهرة ٤٠: ٩ هـ? ١، ٢؛ Ayman F.Sayyid، El ٢? art.al-. (Ushmu? nayn X، p …