هذه القيساريّة كانت بأوّل الخرّاطين ممّا يلي المهامزيين، لها باب من المهامزيين وباب من الخرّاطين (١).
أنشأها الوزير/ الأسعد شرف الدّين أبو القاسم هبة اللّه بن صاعد بن وهيب الفائزي (a)، كان من جملة نصارى صعيد مصر، وكتب على مصايد (b) ناحية سيوط بدرهم، وثلث في كلّ يوم، ثم قدم إلى القاهرة وأسلم في أيّام الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيّوب، وخدم عند الملك الفائز إبراهيم بن الملك العادل فنسب إليه، وتولّى نظر الدّيوان في أيّام الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب مدّة يسيرة. ثم ولي بعض أعمال ديار مصر، فنقل عنه ما أوجب الكشف عليه، فندب موفّق الدّين الآمدي لذلك، فاستقرّ عوضه وسجنه مدّة ثم أفرج عنه. وسافر إلى دمشق وخدم بها الأمير جمال الدّين يغمور نائب السّلطنة بدمشق (٢).
فلمّا قدم الملك المعظّم توران شاه بن الصّالح نجم الدّين أيّوب من حصن كيفا إلى دمشق، بعد موت أبيه ليأخذ مملكة مصر، سار معه إلى مصر في شوّال سنة سبع وأربعين وستّ مائة. فلمّا قامت شجر الدّرّ بتدبير المملكة بعد قتل المعظّم، تعلّق بخدمة الأمير عزّ الدّين أيبك التّركماني مقدّم العساكر، إلى أن تسلطن وتلقّب بالملك المعزّ، فولاّه الوزارة في سنة ثمان وأربعين وستّ مائة (٣). فأحدث مظالم كثيرة، وقرّر على التّجّار وذوي اليسار أموالا تجبى منهم، وأحدث «التّقويم والتّصقيع» على سائر الأملاك (٤)، وجبي منها مالا جزيلا، ورتّب مكوسا على الدّواب من الخيل والجمال والحمير وغيرها، وعلى الرّقيق من العبيد والجواري، وعلى سائر المبيعات، وضمّن
(a) بولاق: الفارسي. (b) بولاق: مبايض. (١) المقريزي: مسودة الخطط ٣٦ ظ وسمّاها فيه: قيسارية النّشاب، وتعرف قديما بقيسارية الفائزي! (٢) الوزير الأسعد شرف الدّين أبو القاسم هبة اللّه بن صاعد بن وهيب الفائزي، المتوفى سنة ٦٥٥ هـ/ ١٢٥٧ م. (الصقاعي: تالي كتاب وفيات الأعيان ١٦٢ - ١٦٤؛ بيبرس الدّوادار: زبدة الفكرة ٦، ٢٥؛ النويري: نهاية الأرب ٤٥٨: ٢٩ - ٤٥٩، ٤٦٠؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٢٧٦: ٢٧ - ٢٧٧؛ اليونيني: ذيل مرآة الزمان ٨٠: ١ - ٨٣؛ المقريزي: السلوك ٤٠٧: ١؛ العيني: عقد الجمان ٦٨: ١، ١٦٣؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٥٨: ٧). (٣) انظر فيما يلي ٧٦٧. (٤) انظر عن التقويم والتصقيع فيما تقدم ٢٨٤: ١.