للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يخرج من البحيرة الشّرقيّة بحر لطيف يأخذ شرقا على جبل قاقول، ويمتدّ إلى مدن هناك، ثم يصبّ في البحر الهندي، ويخرج من البحيرتين ستة أنهر، عن كلّ بحيرة ثلاثة أنهار. وتجتمع الأنهار الستة في بحيرة متّسعة تسمّى البطيحة، وفيها تضريسة (a) جبل يفرق الماء نصفين: يخرج أحدهما من غرب البطيحة وهو نيل السّودان ويصير نهرا يسمّى بحر الدّمادم، ويأخذ مغرّبا ما بين سمغرة وغانة على جنوبي سمغرة وشمالي غانة، ثم ينعطف هناك منه فرقة ترجع جنوبا إلى غانة، ثم تمرّ على مدينة بريسة، وتأخذ تحت جبل في جنوبها خارج خطّ الاستواء إلى رفيلة، ثم تتبحّر في بحيرة هناك، وتستمرّ الفرقة الثانية مغرّبة إلى بلاد مالي والتّكرور حتى تنصبّ في البحر المحيط شمالي مدينة قلتبو.

ويخرج النّصف الآخر متشاملا آخذا على الشّمال إلى شرقي مدينة جيمي (b). ثم يتشعّب منه هناك شعبة تأخذ شرقا إلى مدينة سحرت، ثم ترجع جنوبا، ثم تعطف شرقا بجنوب إلى مدينة سحرته، ثم إلى مدينة مركة، وينتهي إلى خطّ الاستواء حيث الطّول خمس وستون درجة، ويتبحّر هناك بحيرة، ويسمّى عمود النّيل، من قبالة تلك الشّعبة شرقي مدينة شيمي متشاملا آخذا على أطراف بلاد الحبشة، ثم يتشامل على بلاد السّودان إلى مدينة دمقلة حتى يرمي على الجنادل إلى أسوان، وينحدر وهو يشقّ بلاد الصّعيد إلى مدينة فسطاط مصر، ويمرّ حتى يصبّ في البحر الشّامي.

وقد استفيض ببلاد السّودان أنّ النّيل في أصله (a) ينحدر من جبال سود تبين على بعد كأنّ عليها الغمام، ثم يتفرّق نهرين: يصبّ أحدهما في البحر المحيط إلى جهة بحر الظّلمة الجنوبي، والآخر يتّصل إلى مصر حتى يصبّ في البحر الشّامي. ويقال: إنّه في الجنوب يتفرّق سبعة أنهار تدخل في صحراء منقطعة، ثم تجتمع الأنهار السبعة وتخرج من تلك الصّحراء نهرا واحدا في بلاد السّودان.

ذكر مقاييس النّيل وزيادته

قال ابن عبد الحكم: أوّل من قاس النّيل بمصر يوسف وضع مقياسا بمنف، ثم وضعت العجوز دلوكة ابنة زبّاء وهي صاحبة حائط العجوز بأنصنا وهو صغير الذرع، ومقياسا


(a) ساقطة من بولاق.
(b) بولاق: حاما.