للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خليج سخا]

وخليج سخا حفره تدارس بن صا بن قبطيم بن مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح، وهو أحد ملوك القبط القدماء الذين ملكوا مصر في الدّهر الأوّل. قال ابن وصيف شاه: تدارس الملك أوّل من ملك الأحياز كلّها بعد أبيه صا، وصفا له ملك مصر. وكان تدارس محنّكا مجرّبا، ذا أيد وقوّة ومعرفة بالأمور، فأظهر العدل، وأقام الهياكل وأهّلها قياما حسنا، ودّبر جميع الأحياز.

ويقال إنّه الذي حفر خليج سخا، وارتفع مال البلد على يده مائة ألف ألف دينار وخمسين ألف ألف دينار (١). وقصده بعض عمالقة الشّام، فخرج إليه واستباحه، ودخل فلسطين وقتل بها خلقا، وسبى بعض حكمائها وأسكنهم مصر، وهابته الملوك.

وعلى رأس ثلاثين من ملكه طمع السّودان من الزّنج والنّوبة في أرضه، وعاثوا وأفسدوا. فجمع الجيوش من أعمال مصر وأعدّ المراكب، ووجّه قائدا يقال له بلوطس (a) في ثلاث مائة ألف، وقائدا آخر في مثلها، ووجّه في النّيل ثلاث مائة سفينة في كلّ سفينة كاهن يعمل أعجوبة من العجائب. ثم خرج في جيوش كثيرة فلقى جمع السّودان - وكانوا في زهاء ألف ألف - فهزمهم وقتل أكثرهم أبرح قتل، وأسر منهم خلقا، وتبعتهم جيوشه حتى وصلوا إلى أرض الفيلة من بلاد الزّنج، فأخذوا منها عدّة ومن النّمور والوحوش، وساقوها إلى مصر فذلّلها. وعمل على حدود بلده منارا وزبر عليه مسيره وظفره والوقت الذي سار فيه.

ومات بمصر، فدفن في ناووس نقل إليه شيئا كثيرا من أصنام الكواكب، ومن الذّهب والجوهر والصّنعة (b) والتّماثيل، وزبر عليه اسمه وتاريخ هلاكه، وجعل عليه طلّمسات تمنع منه، وعهد إلى ابنه ماليق بن تدارس (٢).


(a) بولاق: فلوطس.
(b) بولاق: الصيغة.
(١) فيما يلي ٢٠١.
(٢) النويري: نهاية الأرب ٩٣: ١٥ - ٩٤ عن ابن وصيف شاه؛ المسعودي: أخبار الزمان ١٨٥ - ١٨٧ وبه بعض إضافات لم ترد عند ابن وصيف شاه.