الشّباب وأرباب الفساد، وقبض على الفرنج والأرمن، وهدمها حتى لم يبق لها أثر.
ونودي في النّاس فحكروها، وبنوا فيها الدّور والطّواحين على ما هي عليه الآن، وأمر بالأسرى فأنزلوا بالقرب من المشهد النّفيسي بجوار كيمان مصر فهم هناك إلى الآن، وأنزل من كان منهم أيضا بقلعة الجبل فأسكنوا معهم.
وطهّر اللّه تلك الأرض منهم، وأراح العباد من شرّهم، فإنّها كانت شرّ بقعة من بقاع الأرض: يباع فيها لحم الخنزير على الوضم كما يباع لحم الضّأن، ويعصر فيها من الخمور في كلّ سنة ما لا يستطيع أحد حصره، حتى يقال إنّه كان يعصر بها في كلّ سنة اثنان وثلاثون ألف جرّة خمر، ويباع فيها الخمر نحو اثنى عشر رطلا بدرهم، إلى غير ذلك من سائر أنواع الفسوق (١).
[دار الفطرة]
قال ابن الطّوير: دار الفطرة خارج القصر بناها العزيز باللّه، وهو أوّل من بناها، وقرّر فيها ما يعمل ممّا يحمل إلى النّاس في العيد. وهي قبالة باب الدّيلم من القصر الذي يدخل منه إلى المشهد الحسيني.
ويكون مبدأ الاستعمال فيها تحصيل جميع أصنافها من السّكّر والعسل والقلوب والزّعفران والطّيب والدّقيق، لاستقبال النّصف الثاني من شهر رجب كلّ سنة ليلا ونهارا، من الخشكنانج (٢) والبسندود، وأصناف الفانيد الذي يقال له كعب/ الغزال، والبزماورد (٣)
(١) قارن المقريزي: مسودة المواعظ ١٤٤ - ١٤٨ الذي أورد الخبر في روايتين واحدة منهما نقلا عن كتاب «نزهة الناظر في سيرة السلطان الملك الناصر ومن ولي من أولاده، لعماد الدين موسى بن محمد بن يحيى اليوسفي عن نسخة بخط المؤلف من فصل عنوانه «ذكر نيابة الحاج آل ملك» وهو غير موجود في الجزء الذي وصل إلينا من الكتاب. وانظر المقريزي: السلوك ٦٤٠: ٢ - ٦٤١؛ ابن إياس: بدائع الزهور ٤٩٩: ١/ ١ - ٥٠٠ وفيما يلي ٣٦: ٢. (٢) الخشكنانج، ويرد أحيانا الخشكنان. فارسي معرّب، هو دقيق الحنطة إذا عجن بشيرج (الجواليقي: المعرب ١٨٢). وصفة عمله أن يؤخذ الدقيق السميذ الفائق ويجعل على كل رطل ثلاثة أواقي شيرج ويعجن عجنا قويّا ويترك حتى يختمر، ثم يقرّص مستطيلا ويجعل في وسط كل واحدة بمقدارها من اللوز والسكر المدقوق المعجون بماء الورد المطيب، وليكن اللوز مثل نصف السكر، ثم تجمع على العادة وتخبز في الفرن وترفع. (البغدادي: كتاب الطبيخ ٧٨). (٣) البزماورد، ويقال له أيضا الزّماورد. معرّب، وهو الرّقاق الملفوف باللحم (المعرب ٢٢١). وصفة عمله أن يؤخذ الشواء الحار الذي قد فتر وهجه ويقطّع ويجعل عليه ورق النّعنع ويسير من خلّ وليمون مملوح ولبّ جوز ويرش عليه يسير ماء ورد ويدقّ بالساطور دقّا نعيما، ولا يزال