للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان هذا الخطّ من أخصّ أماكن القصر الكبير الشّرقي، فلمّا زالت الدّولة الفاطميّة، وتفرّق أمراء صلاح الدّين يوسف القصر، عرف هذا المكان بقصر شيخ الشّيوخ ابن حمويه الوزير لسكنه فيه (١)، ثم عرف بعد ذلك بقصر أمير سلاح وبقصر سابق الدّين، وهو إلى الآن يعرف بذلك.

وسبب شهرته بأمير سلاح أنّه اتّخذ به عمائر جليلة هي بيد ورثته إلى الآن.

وأمير سلاح هذا هو (a) بكتاش الفخري الأمير بدر الدّين أمير سلاح الصّالحي النّجمي (٢)، كان أوّلا مملوكا لفخر الدّين ابن الشّيخ، فصار إلى الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب، وتقدّم عنده من جملة من قدّمه من المماليك البحرية الذين ملكوا الدّيار المصرية من بعد انقضاء الدّولة الأيّوبيّة. وتأمّر في أيّام الملك الصّالح، وتقدّم في أيّام الملك الظّاهر ركن الدّين بيبرس البندقداري، واستمرّ أميرا ما ينيف على السّتين سنة لم ينكب فيها قطّ. وعظم في أيّام الملك المنصور قلاوون الألفي بحيث أنّ الأمير حسام الدّين طرنطاي، نائب السلطنة بديار مصر في أيّام قلاوون، تجارى مرّة مع السّلطان في حديث الأمراء. فقال له السّلطان المنصور: أمّا اليوم فما بقي في الأمراء غير أمير سلاح. إذا قلت فارس خيل شجاع ما يردّ وجهه عن (b) عدوّه، وإذا حلف ما يخون، وإذا قال صدق. فقال طرنطاي: واللّه يا خوند له إقطاع عظيم ما كان يصلح إلاّ لي. فاحمرّ وجه السّلطان وغضب، وقال له: ويلك! إيّاك أن تتكلّم بهذا؛ واللّه مكان يصل فيه سيف أمير سلاح ما يصل نشّابك ولا نشّاب غيرك.


(a) بياض في آياصوفيا.
(b) بولاق: من.
(١) فيما تقدم ٣٤٤: ٢.
(٢) الأمير بدر الدّين أمير سلاح بكتاش الفخري الصّالحي النّجمي، المتوفى سنة ٧٠٦ هـ/ ١٣٠٦ م. (راجع، الصفدي: أعيان العصر ٧٠٠: ١ - ٧٠١، الوافي بالوفيات ١٨٨: ١٠ - ١٨٩؛ ابن حبيب: تذكرة النبيه ٢٠٢: ١، ٢٧٧؛ المقريزي: المقفى الكبير ٤٥١: ٢ - ٤٥٧، السلوك ٣٠: ٢؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ١٤: ٢ - ١٥؛ العيني: عقد الجمان ٤٤٥: ٤؛ أبا المحاسن: المنهل الصافي ٣٨٥: ٣ - ٣٨٦، النجوم الزاهرة ٢٢٤: ٨).
وأمير سلاح لقب على الذى يتولّى أمر سلاح السّلطان أو الأمير، وتختلف صيغة هذا المصطلح من حيث التركيب اللغوي عن الوظائف المملوكية التي يدخل في تكوينها لفظة «أمير» مثل: أمير دوادار، وأمير خازندار. ففي الحالة الأولى أضيفت لفظة «أمير» إلى اسم الآلة «سلاح»، في حين أضيفت في الحالة الثانية إلى اسم الوظيفة «دوادار - خازندار». (ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٥٨؛ القلقشندي: صبح الأعشى ١٨: ٤، ٤٥٦: ٥؛ ابن إياس: بدائع الزهور ٣٢٣: ١/ ١؛ حسن الباشا: الفنون الإسلامية والوظائف ٢٢٥ - ٢٢٧؛ Ayalon، D.، El ٢ art.Amir Silah I، p. ٤٥٨؛ وفيما يلي ٧٢٠).