للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خان الخليليّ

هذا الخان بخطّ الزّراكشة العتيق. كان موضعه تربة القصر التي فيها قبور الخلفاء الفاطميين، المعروفة بتربة الزّعفران، وقد تقدّم ذكرها عند ذكر القصر من هذا الكتاب (١)؛ فأنشأه الأمير جهاركس الخليلي، أمير آخور الملك الظّاهر برقوق (٢) خانا (a)، وأخرج منها عظام الأموات في المزابل على الحمير، وألقاها بكيمان البرقيّة هوانا بها. فإنّه كان يلوذ به شمس الدّين محمد ابن أحمد القليجي - الذي تقدّم ذكره في ذكر الدّور من هذا الكتاب (٣) - وقال له: إنّ هذه عظام الفاطميين، وكانوا كفّارا رفضة. فاتّفق للخليلي في موته أمر فيه عبرة لأولي الألباب، وهو أنّه لمّا ورد الخبر بخروج الأمير يلبغا النّاصري نائب حلب، ومجيء الأمير منطاش نائب ملطية إليه ومسيرهما بالعساكر إلى دمشق، أخرج الملك الظّاهر برقوق خمس مائة من المماليك، وتقدّم لعدّة من الأمراء بالمسير بهم. فخرج الأمير الكبير أيتمش النّاصري والأمير جهاركس الخليلي هذا والأمير يونس الدّوادار والأمير أحمد بن يلبغا الخاصّكي والأمير يدكار الحاجب، وساروا إلى دمشق، فلقيهم النّاصري ظاهر دمشق، فانكسر عسكر السّلطان لمخامرة ابن يلبغا ويدكار، وفرّ أيتمش إلى قلعة دمشق. وقتل الخليلي في يوم الاثنين حادي عشر شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وسبع مائة وترك على الأرض عاريا وسوأته مكشوفة، وقد انتفخ - وكان طويلا عريضا - إلى أن تمزّق وبلي، عقوبة من اللّه تعالى بما هتك من رمم الأئمّة وأبنائهم.


(a) إضافة من مسودة الخطط.
(١) فيما تقدم ٣٥١: ٢ - ٣٥٣.
(٢) الأمير سيف الدّين جهاركس (جاركس) الخليلي اليلبغاوي، المتوفى سنة ٧٩١ هـ/ ١٣٨٩ م. (ابن الفرات: تاريخ الدول والملوك ٦٣: ٩ - ٦٤، ١٧٢؛ المقريزي: السلوك ٦٨٥: ٣؛ ابن حجر: إنباء الغمر ٢٣٣: ١؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٨٣: ١١، المنهل الصافي ٢٠٥: ٤ - ٢٠٧)، وعن معنى جهاركس، انظر فيما تقدم ٢٩٠. والأمير آخور. مصطلح مركب من لفظين أحدهما عربي وهو «أمير»، والآخر فارسي وهو «آخور» ومعناه: المعلف. فيكون معنى المصطلح: «أمير المعلف»، لأنّه المتولي لأمر الدّواب؛ وهو أيضا المتحدّث عن إسطبل السّلطان أو الأمير والمتولي لأمر ما فيه من الخيل والإبل وغيرها ممّا يدخل في حكم الإسطبلات. (القلقشندي: صبح الأعشى ٤٦١: ٥؛ حسن الباشا: الفنون الإسلامية والوظائف ١٧٤ - ١٨١).
(٣) فيما تقدم ٢٥٠.