اعلم أنّ خارج باب الفتوح إلى الخندق كان كلّه بساتين، وتمتدّ البساتين من الخندق بحافتي الخليج إلى عين شمس. فيقابل باب الفتوح من خارجه المنظرة، المقدّم ذكرها عند ذكر المناظر التي كانت للخلفاء من هذا الكتاب (٢)، ويلي هذه المنظرة بستان كبير عرف بالبستان الجيوشي، وأوّله من عند زقاق الكحل إلى المطريّة. ويقابله في برّ الخليج الغربي بستان آخر يتوصّل إليه من باب القنطرة، وينتهي إلى الخندق. وقد ذكر خبر هذين البستانين عند ذكر مناظر الخلفاء (٣).
وكان بين هذين البستانين بستان الخندق وكان على حافة الخليج من شرقيه، فيما بين زقاق الكحل وباب القنطرة - حيث المواضع التي تعرف اليوم ببركة جناق وبالكدّاسين - إلى قريب من حارة بهاء الدّين حارة تعرف بحارة البيازرة، اختطّت في نحو من سنة عشرين وخمس مائة، وكانت مناظرها تشرف على الخليج، وبجوارها بستان مختار الصّقلبي، وعرف بعد ذلك ببستان ابن صيرم الذي حكر، وبنيت فيه المساكن الكثيرة بعد ذلك.
وكان أيضا خارج باب الفتوح حارة الحسينيّة - وهم الرّيحانية إحدى طوائف عسكر الخلفاء الفاطميين - وهذه الحارة اختطّت بعد الشّدّة العظمى التي كانت بمصر في خلافة المستنصر، فصارت على يمين من خرج من باب الفتوح إلى صحراء الهليلج. ويقابلها حارة أخرى تنتهي إلى بركة الأرمن التي عند الخندق، وتعرف اليوم ببركة قراجا، وقد ذكرت هذه الحارات عند ذكر حارات القاهرة وظواهرها من هذا الكتاب (٤).
(١) عن المنطقة الواقعة خارج باب الفتوح والامتداد الشّمالي الشّرقي للقاهرة زمن المماليك، راجع - Behrens Abouseif، D.، «The North-Eastern Extension of Cairo under the Mamluks»، An.Isl.XVII (١٩٨١)، pp. ١٥٧ - ٨٩. (٢) انظر فيما تقدم ٥٦٨: ٢ - ٥٧٠. (٣) فيما تقدم ٥٨٢: ٢ - ٥٨٤. (٤) فيما تقدم ٤، ٥٩ - ٦٣.