وقال ابن المأمون في حوادث سنة ستّ عشرة وخمس مائة: ولمّا وقع الاهتمام بسكن اللّؤلؤة، والمقام بها مدّة النّيل على الحكم الأوّل - يعني قبل أيّام أمير الجيوش بدر وابنه الأفضل - وإزالة ما لم تكن العادة جارية عليه من مضايقة اللّؤلؤة بالبناء، وأنّها صارت حارات تعرف بالفرحيّة والسّودان وغيرهما، أمر حسام الملك - متولّي بابه - بإحضار عرفاء الفرحيّة والإنكار عليهم في تجاسرهم على ما استجدّوه وأقدموا عليه. فاعتذروا بكثرة الرّجال وضيق الأمكنة عليهم، فبنوا لهم قبابا يسيرة. فتقدّم - يعني أمر الوزير المأمون - إلى متولّي الباب بالإنعام عليهم، وعلى جميع من بنى في هذه الحارة بثلاثة آلاف درهم، وأن يقسم بينهم بالسّويّة ويأمرهم بنقل قشّتهم (a)، وأن يبنوا لهم حارة قبالة بستان الوزير (١) - يعني/ ابن المغربي - خارج الباب الجديد من الشّارع خارج باب زويلة.
قال: وتحوّل الخليفة إلى اللّؤلؤة بحاشيته، وأطلقت التّوسعة في كلّ يوم لما يخصّ الخاصّ والجهات والأستاذين من جميع الأصناف، وانضاف إليها ما يطلق كلّ ليلة عينا وورقا وأطعمة للبائتين بالنّوبة - برسم الحرس بالنّهار والسّهر في طول اللّيل، من باب قنطرة بهادر إلى مسجد اللّيمونة من البرّين - من صبيان الخاصّ والرّكاب والرّهجيّة (٢) والسّودان والحجّاب كلّ طائفة بنقيبها. والعرض من متولّي الباب واقع بالعدّة في طرفي كلّ ليلة، ولا يمكّن بعضهم بعضا من المنام. والرّهجيّة تخدم على الدّوام (٣).
خطّ الكافوري
هذا الخطّ كان بستانا من قبل بناء القاهرة وتملّك الدّولة الفاطمية لديار مصر، أنشأه الأمير أبو بكر محمد بن طغج بن جفّ الملقّب بالإخشيد، وكان بجانبه ميدان فيه الخيول، وله أبواب من حديد. فلمّا قدم جوهر القائد إلى مصر، جعل هذا البستان من داخل القاهرة،
(a) بولاق: قسمهم. (١) حاشية بخطّ المؤلّف: «هذه الحارة التي استجدّت قبالة بستان الوزير الذي من جملة موضعه البندقدارية وما في صفّها إلى الصّليبة هي من جملة المنصورة». (٢) انظر عن الرّهجيّة فيما تقدم ٣٠٤: ٢. (٣) ابن المأمون: أخبار مصر ٥٧، وقارن المقريزي: اتعاظ الحنفا ٨١: ٣.