للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من زعم أنّ الاتّحاد على جهة الظّهور، كظهور كتابة الخاتم والنقش إذا وقع على طين أو شمع، وكظهور صورة الإنسان في المرآة، إلى غير ذلك من الاختلاف الذي لا يوجد مثله في غيرهم، حتى لا تكاد تجد اثنين منهم على قول واحد.

و «الملكانيّة» تنسب إلى ملك الرّوم، وهم يقولون: إنّ اللّه اسم لثلاثة معان، فهو واحد ثلاثة، وثلاثة واحد. و «اليعقوبيّة» تقول: إنّه واحد قديم، وإنّه كان لا جسم ولا إنسان، ثم تجسّم وتأنّس (١). و «المرقوليّة» قالوا: اللّه واحد، وعلمه غيره قديم معه، والمسيح ابنه على جهة الرّحمة، كما يقال إبراهيم خليل اللّه. والمرقولية تزعم أنّ المسيح يطوف عليهم كلّ يوم وليلة.

و «البوزغانيّة» تزعم أنّ المسيح هو الذي يحشر الموتى من قبورهم ويحاسبهم.

[فصل]

وعندهم لا بدّ من «تنصير» أولادهم، وذلك أنّهم يغمسون المولود في ماء قد أغلي بالرّيّاحين وألوان الطيب في إجّانة جديدة، ويقرأون عليه من كتابهم، فيزعمون أنّه حينئذ ينزل عليه روح القدس، ويسمّون هذا الفعل «المعموديّة» (٢).

«وطهارتهم» إنّما هي غسل الوجه واليدين فقط، ولا يختتن منهم إلاّ اليعقوبيّة، ولهم سبع «صلوات» يستقبلون فيها المشرق، و «يحجّون» إلى بيت المقدس، و «زكاتهم» العشر من أموالهم، و «صيامهم» خمسون يوما.

فالثّاني والأربعون منه «عيد الشّعانين»، وهو اليوم الذي نزل فيه المسيح من الجبل ودخل بيت المقدس. وبعده بأربعة أيّام «عيد الفصح»، وهو اليوم الذي خرج فيه موسى وقومه من مصر (٣).


(١) الملكية أو الملكانية. هم الطائفة المعروفة بالرّوم الأرثوذكس، واليعاقبة هم المونوفيزيين، أي أتباع مذهب الطبيعة الواحدة. (انظر فيما تقدم ٩٨٩).
(٢) حاشية بخطّ المؤلّف: «التّعميد هو غمس التائب في الماء، يشيرون بذلك إلى الانغماس في الطاعة والتّجرّد عن المخالفة، كما وردت شريعة الإسلام بتطهير الكافر حين يسلم. هذا أصله عندهم وعمدتهم فيه تعميد يوحنّا للمسيح، ثم صاروا يعمّدون أولادهم».
(٣) حاشية بخطّ المؤلّف: «اعلم أنّ المسيح بنصّ إنجليهم إنّما يصلّي إلى أورشليم، وهي البيت المقدّس، التي هي قبلة الأنبياء، ولم يزل يتوجّه إليها إلى أن رفع. وكان ممّا أحدث النصارى بعد المسيح الصّلاة إلى جهة المشرق زعما منهم بأنّ صاحبهم صلب بتلك الجهة، قالوا: فتوجّب علينا التّوجّه إلى حيث صلب، وهم محجوجون بما لا تسعه هذه الطريدة».