ثم إنّ السّلطان الملك المؤيّد شيخ المحمودي الظّاهري، جدّد عمارة منظرة فوق الخمس الوجوه (a)، ابتدأ بناءها في يوم الاثنين أوّل شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثمان مائة (١).
[منظرة باب الفتوح]
وكان للخلفاء الفاطميين منظرة خارج باب الفتوح، وكان يومئذ ما خرج عن باب الفتوح براحا فيما بين الباب وبين البساتين الجيوشية. وكانت هذه المنظرة معدّة لجلوس الخليفة فيها عند عرض العساكر ووداعها إذا سارت في البرّ إلى البلاد الشّامية (٢).
قال ابن المأمون: وفي هذا الشهر - يعني المحرّم سنة سبع عشرة وخمس مائة - وصلت رسل ظهير الدّين طغتكين صاحب دمشق، وآق سنقر صاحب حلب، بكتب/ إلى الخليفة الآمر بأحكام اللّه وإلى الوزير المأمون إلى القصر، فاستدعوا لتقبيل الأرض كما جرت العادة من إظهار التّجمّل.
وكان مضمون الكتب - بعد التّصدير والتّعظيم والسّؤال والضّراعة - أنّ الأخبار تظافرت بقلّة الفرنج بالأعمال الفلسطينية والثّغور الساحلية، وأنّ الفرصة قد أمكنت فيهم واللّه قد أذن بهلاكهم، وأنّهم ينتظرون إنعام الدّولة العلويّة وعوائد أفضالها، ويستنصرون بقوّتها، ويحثّون على نصرة الإسلام، وقطع شأفة (b) الكفر، وتجهيز العساكر المنصورة والأساطيل المظفّرة، والمساعدة على التّوجّه نحوهم لئلاّ يتواصل مددهم، وتعود إلى القوّة شوكتهم.
فقوي العزم على النّفقة في العساكر فارسها وراجلها وتجريدها، وتقدّم إلى الأزمّة بإحضار الرّجال الأقوياء، وابتدئ بالنّفقة في الفرسان بين يدي الخليفة في قاعة الذّهب، وأحضر
(a) بولاق: الخمس وجوه. (b) النسخ وبولاق: دابر والمثبت من مسودة المواعظ. الأفضل شاهنشاه وزير المستعلي والآمر بأحكام اللّه، على الشاطئ الغربي للخليج المصري الذي حلّ محله الآن بعد ردمه سنة ١٨٩٦ شارع بورسعيد (الخليج المصري سابقا) في المسافة ما بين كوبري غمرة وشارع مصر والسودان وما بين الوايلي الكبير على الترعة الإسماعيلية. وانظر عن المناظر التي أنشأها الوزير الأفضل Fu'?d Sayyid، A.، La capitale de l'E'gypte، pp. ٤٧٧ - ٨٢. (١) المقريزي: السلوك ٥٢٦: ٤، وأضاف أنه جعل ذلك عوضا عن قصور سرياقوس وليسرح إليها كما كانت الملوك تسرح إلى سرياقوس؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٩٤: ١٤؛ وانظر فيما يلي ٤٢٢: ٢. (٢) المقريزي: مسودة المواعظ ٣٢٣.