للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفاكهة والعلوفة وغير ذلك ممّا جرت به عادته؟ فأحضر جميع ذلك إليه بزيادة.

وكان مع المأمون أخوه المعتصم، وابنه العبّاس، وأولاد أخيه الواثق والمتوكّل، ويحيى بن أكثم والقاضي أحمد بن داود، فأحضرت لكلّ واحد منهم ما يخصّه على انفراده، ولم تكل أحدا منهم ولا من القوّاد إلى غيره، ثم أحضرت للمأمون من فاخر الطّعام ولذيذه شيئا كثيرا حتى إنّه استعظم ذلك. فلمّا أصبح - وقد عزم على الرّحيل - حضرت إليه، ومعها عشر وصائف مع كلّ وصيفة طبق، فلما عاينها المأمون من بعد قال لمن حضر: قد جاءتكم القبطيّة بهديّة الرّيف:

الكامخ، والصّحناة، والصّبر.

فلمّا وضعت ذلك بين يديه إذا في كلّ طبق كيس من ذهب، فاستحسن ذلك وأمرها بإعادته، فقالت: لا، واللّه لا أفعل. فتأمّل الذّهب فإذا به ضرب عام واحد كلّه، فقال: هذا واللّه أعجب، ربّما يعجز بيت مالنا عن مثل ذلك! فقالت: يا أمير المؤمنين، لا تكسر قلوبنا ولا تحتقر بنا؛ فقال: إنّ في بعض ما صنعت لكفاية، ولا نحبّ التّثقيل عليك، فردّي مالك بارك اللّه فيك. فأخذت قطعة من الأرض وقالت: يا أمير المؤمنين، هذا - وأشارت إلى الذّهب - من هذا - وأشارت إلى الطّينة التي تناولتها من الأرض - ثم من عدلك يا أمير المؤمنين، وعندي من هذا شيء كثير. فأمر به فأخذ منها، وأقطعها عدّة ضياع، وأعطاها من قريتها «طاء النّمل» مائتي فدّان بغير خراج، وانصرف متعجّبا من كبر مروءتها وسعة حالها (١).

ذكر قبالات أراضي مصر بعد ما فشا الإسلام في القبط، ونزلت (a) العرب في القرى، وما كان من ذلك إلى الرّوك الأخير النّاصريّ

/ وكان من خبر أراضي مصر - بعد نزول العرب بأريافها واستيطانهم وأهاليهم فيها، واتّخاذهم الزّرع معاشا وكسبا، وانقياد جمهور القبط إلى إظهار


(a) بولاق: نزول.
(١) إلى هنا ينتهي الجزء الأوّل من نشرة. Gaston Wiet
(٢) عن القبالة وهو عمل ماليّ بحت، الغرض منه تسهيل جباية الخراج، بما أنّ أرض مصر كانت كلّها منذ الفتح أرضا خراجية، ولا علاقة له بملكية الأرض مطلقا راجع، Cahen، Cl.، El ٢? art.Ikta? c? III، p. ١١١٦; id.، El ٢? art.Kaba? la؛ IV، pp. ٣٣٧ - ٣٨ أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ٥١٨ - ٥٢١، ٧٢٣ - ٧٢٤.