وراء إمام راتب قرّره له بمعلوم جار. فجاءت هذه الدّار من أجلّ دور القاهرة وأبهجها.
ووقف ذلك كلّه مع أشياء غيرها على تربته التي أنشأها خارج باب البرقيّة، وعلى عدّة جهات من البرّ. فلمّا نكب أكره حتى رجع عن وقف هذه الدّار على ما عيّنه في كتاب وقفه، وجعلها وقفا على أولاد السّلطان الملك المؤيّد شيخ، فلمّا مات المؤيّد عادت (a) إلى وقف فتح اللّه (١).
فتح اللّه بن مستعصم (b)
بن نفيس الإسرائيلي الدّاودي العتابي التّبريزي رئيس الأطبّاء وكاتب السّرّ (٢) - ولد بتبريز في سنة تسع وخمسين وسبع مائة. وكان قد قدم جدّه نفيس إلى القاهرة في سنة أربع وخمسين، فأسلم وعظم بين النّاس. ثم قدم فتح اللّه مع أبيه، فنشأ بالقاهرة في كفالة عمّه، ونظر في الطّبّ، وعاشر الفقهاء، واتّصل بصحبة بعض الأمراء، فعرف منه أحد مماليكه وكان يسمّى بشيخ، فلمّا تأمّر شيخ قرّبه وأنكحه أمة، وفوّض إليه أمر ديوانه.
(a) بولاق: عاد ذلك. (b) بولاق: معتصم، والتصويب من ذيل الدرر الكامنة بخط ابن حجر. سرادق السّلاطين والوزراء وعلى الشّرفة من القصر والدّار. وفي المصادر التاريخية يقصد به عادة مصطلحا معماريّا يدلّ على بلاطة من حجر صلب أو من الرّخام يحفر في سطحها زخارف هندسية ونباتية، ينتج عن حفرها قنوات غائرة متعرّجة، وتوضع في صدر الإيوان مائلة على الجدار بزاوية تتراوح بين ١٥ و ٣٠، ويوضع عند حافتها العليا صنبور أو أكثر يأتي إليه الماء من صهريج خلف الجدار فيسيل الماء منه على سطح البلاطة متعرّجا في القنوات الدقيقة ممّا يجعله يتمهّل في سيره فتزيد فرصة تبخّره وتبريده فيلطّف جوّ الإيوان فضلا عن خريره الهادئ. وينتهي عند الطّرف الأسفل للبلاطة إلى قناة تمتدّ على سطح أرضية المكان تصبّ في حوض للماء ذي شكل هندسي، بعضها كان يزوّد بنافورة في وسطه مزوّدة بأنابيب ليندفع منها الماء تحت ضغط ماء الصّهريج العلوي، ويصرّف الماء الفائض في أنابيب أخرى حتى المجارير. (فريد شافعي: العمارة العربية في مصر الإسلامية - عصر الولاة ٤٥١: ١ - ٤٥٣؛ عبد الرحيم غالب: موسوعة العمارة الإسلامية ٢٣٢؛ محمد محمد أمين، ليلى علي إبراهيم: المصطلحات المعمارية في الوثائق المملوكية ٦٨ - ٦٩؛ Marcais، G.، «Salsabil et Shadirwan»، Etudes d'Orientalisme dediees a la memoire de levi-Provencal، Paris ١٩٦٢، II، ٦٣٩ - ٤٨; Rabbat، N.، El ٢ art.Shadhirwan IX pp. ١٨٠ - ٨١؛ وفيما يلي ٤٠٦: ٢). (١) جاء هنا على هامش نسخة ص: «قلت: انتزعت هذه الدّار والقاعة من يد مستحق الوقف المذكور، وأضاف ذلك إلى داره الأمير سيف الدّين قاني بك الجمالي الزّردكاش وأحد مقدّمي الألوف بالديار المصرية في الأيّام الأشرفية قايتباي. وكما تدين تدان ولا يظلم ربّك أحدا». (٢) انظر أيضا ابن حجر: ذيل الدرر الكامنة ٢٣١ - ٢٣٢، إنباء الغمر ٢٩: ٣ - ٣٠؛ أبا المحاسن: المنهل الصافي ٣٧٥: ٨ - ٣٧٧، النجوم الزاهرة ٣٤١: ٧؛ الصيرفي: نزهة النفوس والأبدان ٣٣٥: ٢؛ السخاوي: الضوء اللامع ١٦٥: ٦.